أتّفق مع الذي يصفني بـ : (من أنا؟! ) لأتحدّث بالسياسة .. وعلى حد قوله “لم نفقس من البيضة بعد ” ولكنّنا حين نتحدّث عن جرح الوطن لا يعني أننا نمتهن الطبّ …
ما يحدث الآن في ســورية هو في غاية الخطورة… و أخطر كلمة هي : الســـلاح…
ولنتكلّم بصراحة عن الوضع الراهن وفق النقاط التالية:
عندما تتحوّل المعارضة من أمل السلميّة إلى أمل السـلاح فهي تضرّ بجميع الآمال التي من أجلها ارتقى آلاف الشهداء الذين كان بوسعهم أن يرفعوا السلاح بوجه الدولة و تتحوّل سورية إلى ليبيا الشرق الأوسط وهذا ما تتمناه الكثير من الأطراف الدولية و شركات السلاح وهذا ما سيفقد الثورة زخمها الشعبي و روحها الحمائمية التي التفّت حولها جميع العصافير السجينة.
لربّما برّر البعض أن استخدام الســلاح هو بغية الدفاع عن النفس خصوصا ساعة الاقتحام وتفتيش البيوت… أقول و بكلّ صراحة إن السلاح يقتل عقل صاحبه ساعة الهياجان والحميّة… وما أكثرها من ساعات… من اختار الثورة مقتنعا و مؤمنا بأنها خيار له كطريق للحريّة…لا يحقّ له على الأطلاق أن يقتل الديموقراطية قبل ولادة الحريّة… فأغلب الشعب لا يريد على الاطلاق طريق السلاح… وهو مستعدّ من اللحظة الأولى لتقديم شتّى أنواع التضحيات…
إن النظام بارع جدا في استخدام القوّة العسكريّة التي لم يظهر حجمها الحقيقي حتى الآن… وهو يستطيع سحق أي تنظيم عسكريّ بشرعيّة السلاح و التأييد الدولي لكنه لا يستطيع سحق مظاهرات سلميّة وان خفتت أحيانا بتواجد أمني كثيف لن يدوم .
شئنا أم أبينا… أردنا أم لم نرد، فإنّ استخدام السلاح سيؤدي حتما إلى تدخّل خارجي حتمي سيتجلّى في أحد الوجهين التاليين أو كلاهما :
الوجه الأول : إن الســلاح لا يزرع في سورية … و إنما سيهرّب حتما من خلال الثغرات الحدوديّة ومن قبل جهات تتمنّى أصلا أن تتحوّل سورية إلى آتون مشتعل ستكون هي المستفيدة منه أولا و أخيرا… وهذا يعني توريطنا في غمار مصالح خارجية لم ولن تقف عند تصدير السلاح و إنما ستمتدّ إلى توريطنا في آليّات مشبوهة أخرى… وستتحوّل سوية شئنا أم أبينا إلى ساحة حرب بين الدول والمنظمات والأحزاب الإقليمية على أرضنا و بدمائنا…
الوجه الآخر : ضعف البنادق أمام عتاد الدولة وعتيدها قد يجعل المقاومة المسلّحة تتعرض إلى ضربات شديدة كما حصل في ليبيا تزهق خلال هذه الضربات آلاف الضحايا فتستجدي تدخلا دوليا قد يتردد و يبتدئ بعقوبات اقتصادية تطال الشعب مهما كانت ذكيّة وستنتهي حتما بحرب اقليميّة… وكلّ الخيارات متاحة في أزمة كهذه الأزمة …
من ناحية أخرى وهي الأهم هو مستقبل سورية ما نناضل من أجله جميعنا… وإن أي نظام سيأتي نتيجة نصر عسكري لن يتمتّع بالمرونة و الحريّة و الديموقراطيّة التي نريدها جميعا .
فالرصاصة مهما ارتدت ثوب الحق لن تأتي لنا بما تريده حروفنا السلميّة…
لا نريد أن نقتُل أحد … ولا نريد أن يقتُلنا أحد…
نريد أن نحيا معاً… لا أن نموت معاً… حياةً لا تختلف بكرامتها و حريّتها عن حياة من استشهدوا كي يكون طريقنا سلميّاً… سلميّاً
يُتبع …
——————
يامن الشامي
16-08-2011