بقلم: معتقل سابق
في يوم منذ خمسة وعشرين عاماً تم اعتقالي من الشارع بكمين من فرع فلسطين للمخابرات العسكرية وبعد معركة غير متكافئة بيني وبين أكثر من عشرة عناصر من الفرع،
قادوني بزعامة الرائد (حينها) عبد الكريم عباس إلى الفرع وهناك استقبلني رئيس الفرع مظهر فارس مع لفيف من ضباطه بجلسة “حوار” استمرت دقيقة واحدة،
طلب مني فيها أن أقدم كل ما أعرفه لأنهم ديمقراطيين ولا يميلون إلى العنف، وكانت ابتسامتي الساخرة كافية لإنهاء جلسة “الحوار الوطني” تلك والبدء بالتعامل مع “العصابات المسلحة” بالعنف الواجب
وبدأت جولات وصولات التعذيب التي لم يدخروا فيها استعمال كل أسلحتهم…
الكرسي الألماني، فلبطة من حافر كديش (صار الآن في عداد الفاطسين وبشماتة) كسرت أنفي، فتهديد بتعذيب أمي أمامي بعد اسماعي صوتها كدليل للحضور، فتعذيب فعلي لزوجتي أمامي.. فقلع للأظافر.. ففسخ وصل إلى حد كسر في عظام الحوض وغياب عن الوعي ثم استعادته بجهود عقاقير “طبيبهم المجرم” وأخيراً جاء دور التهديد بالكيماوي !!!!…
ووقتها لم يكن أوباما قد اعتبره خطا أحمر …
فأحضروا سلاحهم الكيماوي حقنة مليئة بالحامضة (الأسيد) وبدؤوا برشها على مواقع مختلفة من أطرافي مستهدفة كل مفاصلي…
وأنا مكبل مرمي على الأرض كنت أتلصص من تحت الطماشة وأراقب جلدي ولحمي يحترق ببطء ويتحول إلى لطاخات داكنة من الدم المتخثر…… كان مؤلما حقاً ولكن الآلام التي سبقته لم تترك لي فسحة التمتع بألم جديد ..
فحلوا عن ***** بتهديداتكم باستعمال الكيماوي (إن وجد!!)
فبعد أربعين ألفاً من شهدائنا وربما أضعافهم وبعد كل هذا الدمار والخراب والتشريد والاعتقال لم يبق للقلب ما يبكيه ولا فسحة للتمتع بألم جديد يسببه الكيماوي !!