نعم أنقذوهم، لأن مقدار الكره والحقد في قلب المواطن السوري أو أي مهتم للشأن السوري (عربي – إسلامي) تجاههم قد بلغ الزبى، الشكل الذي ستأخذه الثورة السورية أو سورية في السنة أو السنوات القادمة يبدو أنه لن يكون في مصلحة هاتين المنظومتين أو المؤسستين إن صح تسميتها، حتى أمد قريب ما زالت المعارضة الممثلة للحراك الشعبي بيسارها “هيئة التنسيق” و يمينها “المجلس الوطني” تخاطب قوى الأمن والجيش بلسان الأخوة والمواطنة مع بعض التحليلات الخجولة للفصل بين الجيش والأمن في الخطاب والعقاب وللفصل بين الآمر والمأمور، ولكن كما أن الوقت لا يسعف النظام فهو لم يعد يسعف أياً من هذه الخطابات، وكما بدأ الحراك الثوري قافزاً فوق كل طموحات المعارضة يبدو أنه سيقفز فوق هذه الخطابات ليثور من جديد على القداسة المزعومة لهذا الكيان العسكري أو الأمني (يقدر بـ 1.5 مليون عنصر) لأنهما يثبتان يوماً بعد يوم أنهما جزء لا يتجزأ من النظام ولا سبيل للنجاة إلا بإسقاطهم مع إسقاطه،
الخوف من هاتين المؤسستين متراكم منذ عشرات السنين، يدل عليه عدد المغتربين (20 مليون – نصف عدد السوريين) الذين هجروا الوطن هرباً من خطر الجيش أو الأمن على حياتهم أو مخططاتهم الشخصية أو فرص عملهم، وتدل عليها الدراما والكوميديا السوداء والطرائف اليومية، اليوم يدعم هذه الذاكرة وهذا التخوف ممارسات مست كل مواطن في الداخل والخارج بصديق أو قريب، وأكثر من 30 ألف مقطع فيديو متاحة للعالم، تمس هذه المقاطع الوحشية عن التعذيب والقتل كرامة أي إنسان فضلا عن كونه سوري، فضلا عن كونه مناهض لهذا النظام.
سجل التاريخ الكثير من الممارسات الوحشية على يد الغزاة أو الطغاة ضد مستضعفين، لكن في حالتنا فثورة المعلومات نقلت هذه الممارسات لنا مليئة بالمشاعر، ليزداد مستوى الحقد وحب الانتقام لدى البعض والخوف لدى البعض الآخر ولا يخفي بعض المرضى تشفيهم وتأييدهم لمثل هذه الممارسات من المؤيدين.
إن سد تفوق القوة لدى النظام لا شك إلى انهيار، لن ينفعه يقين مؤيديه ولا خزعبلات محلليه، وعندما ينهار هذا السد سيجرف سيل المشاعر هاتين المؤسستين وكل ما يرتبط بهما، فلن نكون أمام حالة يمنية أو ليبية لأنه سيكون فات الأوان.
في الحالة اليمنية هناك نوع من توازن القوى وحتى الآن لم يتبلور شكل اليمن الجديد، وفي الحالة الليبية كان انهيار السد مرافقاً لانشقاقات كبيرة ولمستوى متوازن من الاحتراب انتهى بانتصار الخير (ثورة الشعب) على الشر (الطاغية) بشكل سريع وبالرغم من ذلك لم يستطع أحد إيقاف أعمال الثأر أو الانتقام ضد من يشتبه بارتباطه بالنظام القديم، أما في الحالة السورية وأمام أكثر من 10 أشهر وأكثر من 6000 شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين والمعتقلين سيكون انهيار السد مدويا و ضخامة السيل لن يستطيع أحد إيقافها.
كلامي السابق لا يصب بخانة التخويف من الثورة أو القوى الثورية فالنصر للثورة خفنا أم لم نخف ومهما حصل فهو أفضل من حالة الاستبداد الوحشي الموجودة، ولكن كلامي السابق هو بالدرجة الأولى لكل عاقل ينتمي لهذه الأجهزة، لأن استراتيجية القتال لآخر جندي لن تنفعه وخصوصاً إن علم أن الضرر سيتعدى لكل من يرتبط به فلا عاصم ولا حامي من هذا السيل القادم، وسيجرف كل من تورط من قريب أو من بعيد مع هذه الطغمة الحاكمة.
العناصر الموجودة في هذه الأجهزة الأمنية والعسكرية يزداد الخطر المحدق بها من الطرفين (النظام والثورة) وبالفعل هي في وضع لا تحسد عليه، والتفجيرات الأخيرة أكبر دليل على أن النظام لا مانع لديه من التضحية بهم وبكل وحشية في سبيل خلط الأوراق، وحتى لو لم يصدقوا أن النظام من ارتكب هذه الجريمة فعليهم اعادة التفكير بنظام يصر أنه ما زال قويا وغير قادر على حمايتهم في عقر دارهم، كيف به إذا بدأ يتضعضع وما هي حالهم بعده، على هذه الأجهزة القيام بثورة داخلية لحماية نفسها اليوم قبل الغد، وإلا ستكون قرابين تقدمها قيادات النظام إلى الذبح بتمثيليات أو مواجهات معروفة النتيجة.
أيها العسكريون والأمنيون أنقذوا أنفسكم وأهليكم، هي ثورة شعب ضد الطاغية، ليست ثورة طائفية، النظام يضحي بكم بدون النظر إلى الطائفة وعندما ينهار سد تفوق قوته، ثقو تماماً أن قوة الشعب ستحاسب الجميع بدون النظر إلى طائفته، وكل الخوف من المدة الفاصلة بين انهيار سد تفوق قوة الطاغية وبين انبثاق سلطة شرعية جديدة (الجيش المنشق نواة لأحد مكوناتها) تعيد للمواطن السوري كرامته المسلوبة على مدى عقود وتحاسب المجرمين بمحاكمات عادلة، لأن هذه المدة ستكون مليئة بأعمال الثأر والانتقام (بغض النظر عن المشروعية من عدمها) من كل ما يرمز إلى المؤسسة العسكرية والأمنية بالتحديد وليس ذلك ببعيد. وحتى لو حصل السيناريو الأفضل واستطاع الشعب السوري تقليص هذه المدة إلى الصفر فما هو موقف أهليكم من محاكمتكم كمجرمين وقتلة.
أليكسي الفلاني (محمد يونس)
تعليق واحد
الجيش السوري النظامي هو الحامي للشعب السوري من العصابات المسلحة—لولاه لعم القتل والتخريب انحاه البلاد–الله يحمي جيشنا الاسدي