يوسف أبو خضور
إنتهى عصر الصورة المطبوعة و عصر البرواظ و زمن دفتر الصور، و جاء عصر الألبومات الإلكترونية و صور الديجتال و الصور المحفوظة في ملفات على جهاز الكمبيوتر ، حيث تجلس الأم بجانب إبنها و هو يستعرض لها صوره و صور أصدقاءه…..
لم تفكر الأم أبداً أن تتعلم كيفية التسلل إلى هذا الصندوق العجيب وحدها، و تقليب الصور و تكبيرها و تصغيرها كما يفعل الإبن ، كان لديها ألف حُجة لتجبره على فتح الصور يومياً ……..
أغلق إبنها جهازه و خرج……
عاد ……..صامتاًو أصابعه جامدة يحمله الغرباء …..
زغردت كذباً ، و بكت طويلاً و عندما تركوها وحيدة هرعت إلى غرفته تشمشم آثره و تحضن ملابسه و تبحث عن صوره، لكنها كانت مخبأة هناك ، في قلب الجهاز الذي لا تعرف له طريقاً ……
سيفتح لها أحدهم الجهاز و يقلب لها الصور سريعاً حيث لا تمتلك إلا الإبتسام أمام هذه الجموع ، و سيغلقه و يرحل ……
لم يفهم الكثير من زوارها ذلك السر الذي يجعلها تجر الحديث رغماً عن الجميع إلى ” الكمبيوتر ” و تسأل الأطفال عن مدى براعتهم في استخدامه ،و لماذا تجرهم بخجل إلى تلك الغرفة ………!!!
نحن فقط نعلم ذلك السر…..!!!
سأرسل للهيئة العامة لحقوق الإنسان بمناسبة عيدهم ، ذلك الجهاز ” الإبن”، الذي مُسحت” العلامة التجارية ” عنه ، الذي تيبست أزراره بفعل ملح الدموع…..
و سأرسل لهم ألف طريقة للموت صدفة في بلادي ، و ألاف أرقام الهواتف المغلقة ، و الإيملات و الحسابات المتوقفة …..
سأرسل لهم ملايين الخيبات و الإحباطات و ثلاثة أنواع من البراميل ، و مزبلة من أحياء الفقراء و أخرى من شوارع الأغنياء ، سأخبرهم عن ” طبقات” المزابل في بلادي…..
و سأخبرهم عن ” الشحادة” التي تجلس على باب شعبة التجنيد في مدينتي ، و كيف كنا نمنحها” الصدقة” و نحن في طريقنا إلى الشعبة و كيف كنا نستردها رغماً عنها و نحن خارجون منها …….
سأرسل لهم ” عينة” عن عقدنا النفسية و عن سهراتنا…..
سأرسل لهم شاعراً من بلادي مع بندقيته وليستة بأسماء المبدعين الذين قُتلوا بالصدفة المقصودة…..
كنت سأرسل لهم شيئاً من ” المطبخ السوري” و الحلبي خصوصاً …..
سأرسل لهم فتىً في مقتبل عمره يحب الحياة كثيراً و لكن لا مشكلة لديه في تفجير نفسه بينهم ، بين رعاة حقوق الإنسان في العالم……!!!!!