حالم بغد أفضل
——————–
سلمية الثورة هي الشعار الأول الذي رفعه الثوار في المظاهرات وأصبحت هذه المظاهرات بهذا الا سم ” مظاهرات سلمية ” كما اتصفت الثورة السورية المباركة بأنها ثورة سلمية ليشكل هذا الشعار وقود الثورة ويشكل العثرة الكبرى في وجه النظام الوحشي الذي حاول جاهداً ولا يزال أن يزيل هذه الصفة عن الثورة والثوار على الأرض مستخدماً كافة الأساليب والألاعيب وحتى القوة دون جدوى.
تطورت الثورة واتسعت رقعتها وانضم إلى صفوفها الجنود المنشقون عن العصابة الأسدية ليشكلون ما يعرف بالجيش الحر الذي تعهد بالوقوف إلى جانب الثوار السلميين وحماية المظاهرات السلمية من آلة القتل والقمع الأسدية فكانت خطوة مباركة استطاعت بإمكانيات قليلة وبمعنويات عالية أن تتصدى لقوات الأمن والجيش الأسدي وأن تفي بوعودها مقدمة في سبيل ذلك أغلى ما يملك الإنسان وهي روحه ونفسه ليقف المتظاهرون وطيف واسع من المعارضة السياسية إلى جانب الجيش الحر وتعترف بأنه هو جيش الوطن والشعب وبأن صموده وتضحياته في وجه القوات الأسدية لا يخرج الثورة عن سلميتها بل هو جيش منظم هدفه الأول حماية الشعب والمظاهرات السلمية من القتل والاعتقال وهو والسلمية متلازمان لا يمكن تفريقهما فالمظاهرات لها طابع واحد وصفة واحدة اتفق عليها الجميع وهي السلمية والجيش الحر هو الجهة التي تحمي سلمية الثورة, جدلية استعصت على بعض المعارضين المهتمين بالتنظير دون معرفة الواقع وأحداثه وعن بعض الثوار الكرام الذين يشاهدون جرائم العصابات الأسدية ووحشيها وشراستها الهمجية ليفقدوا الصبر الجميل ويطالبوا بإعلان الجهاد.
لا يمكن لعاقل أن يغض الطرف عن الجرائم التي ترتكب على الأرض ليل نهار ومن رأى ليس كمن سمع وبالمقابل لا يمكن أن نسمح لهذه المجازر والانتهاكات ان تسلبنا الرشد والحكمة وأن نتخذ قرارات تحرف مسارنا وتبعدنا عن أهدفنا الرئيسية التي من أجلها بذلت الدماء رخيصة وأزهقت الأرواح وانا أقصد بالتحديد دعوة بعض الإخوة لإعلان الجهاد. وتذكروا معي بأن الله تعالى لم يأذن للنبي محمدعليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام بالجهاد إلا بعد الهجرة, مدة طويلة تلقى خلالها أفضل الخلق محمد عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام شتى ألوان العذاب والقتل والتنكيل من قبل زعماء قريش لكنهم صبروا واحتسبوا ذلك عند الله واستثمر الصحابة الكرام هذه المدة في مدرسة المصطفى عليه الصلاة والسلام لترسيخ المبادء العظمى وتوضيح الأهداف السامية وبيان الرؤية الناصعة التي جاء من أجلها الإسلام ليتخرجوا رجال عظماء مؤهلين للجهاد في سبيل الله.
إنني أؤمن أن إعلان الجهاد في هذا الوقت خطيئة كبرى بحق الثورة المباركة وهدر لدماء الشهداء وتضحياتهم وأفضل خدمة تقدم على طبق من ذهب للنظام الأسدي وزبانيته وإنه ينم عن قصور كبير في الرؤيا وعدم فهم للواقع الذي نعيش.
وأختم بكلمات للمفكر الدكتور عبد الكريم بكار حول هذا الموضوع (الثورة عمل علاجي جذري والعمل المسلح عمل جراحي، ولذا فالاستغناءعنه واجب وإذا كان لا بدمنه فليكن محدوداً وتجميلياً وإلا تحول إلى بلاء و خراب، وليس من حق فرد كائناً من كان أن يعلن عن الجهاد أو الحسم العسكري في سورية فهذا شيء خطير جداً و غير مقبول و قد يجهض كل الحراك الثوري) !!