مصطفى أبازيد
——————-
ان الصراعات التي تحصل دوماً بين طبقات المجتمع، بين العبيد و الأسياد، و بين المظلومين و المستبدين، ليست بجديدة فهي دائماً تعبر عن نفسها كلما اثقلت الشعرة ظهر البعير حتى تقسمه، و لكن ما يثير الدهشة دائماً هو أن دعاة تحرر الإنسان من قيوده يخافون هذه الحريّة التي يدعون اليها بل و يحاربونها احياناً، فالثورة هي كشف الغطاء عن المجتمع و ابرازه الى السطح بكل عيوبه، بكل ما تحمله سنوات القهر له من حرمان و حقد و كراهية و نقص في الوعي، هي اخراج للألم من السجون، و تحرير للإنسان الذليل من كل أصفاده، فالثورات الشعبية لا تأتي بنتائج وردية بل هي انعكاس للشعوب التي لم تكن لتثر لو أنها تتربع على القمّة، ولم تكن لتثر بدون قيادة لو أنها شعرت بأن هناك من القيادات من يلبي طموحها او يتكلم لغتها لتصبح ثورة نخبويّة .
لا يمكنم اليوم ان تطالبوا بحريّة مشروطة أو ناقصة لهذه الشعوب، ولا يمكنكم التحكم بمقياس حركة الشعب و سقف ثورته، سيفرز الحراك قيادات تعكسه كما هو، ربما لن تأتي لنا بالربيع ولكنها على الأقل تمثل الشعب الذي تطالبون بتحررّه على المنابر .
ربما سينتج الحراك قيوداً، و حركات اقصائية، و قيادات معاقة، ولكنها بالنهاية مرآة الحقيقة التي نعرفها و نختبئ منها، كفاكم بعداً عن الواقع، فالوطن بحاجة لكل الألوان، لا تبتعدوا أكثر عن الموجة بل اركبوها مع الراكبين قبل ان تلتهمكم، فالمنطق و العقل لا ينفع في الحروب و مقاومة البراكين، و لكنه يستطيع اخراج عضن أخضر من تحت البارود و الرماد ..