علي الأتاسي
———————–
قبل ١١ عاما طلب مني الصديق العزيز الياس خوري المشاركه في مهرجان ايلول الثقافي الذي كان يديره مع باسكال فغالي في مدينة بيروت. وإذا كان الياس قد ترك لي الحرية في اختيار شكل المشاركه، فإنه اقترح علي أن أصور الشاعر السوري الصديق فرج بيرقدار، الذي سبق لي أن أجريت معه عقب خروجه من السجن مقابله صحفيه لملحق النهار. خصوصا أن فرج كان ممنوعا من السفر ولم يكن من الممكن استضافته في بيروت.
في الطريق من دمشق إلى قرية “دير بعله” الواقعه بالقرب من حمص، تواردت إلى ذهني فكره مجنونه: رياض الترك متواجد في حمص وكاميرا الفيديو الصغيره متواجده في جيبي، فلماذا لا أذهب وأطلب أن أصور معه هناك. وهذا ما كان وقبل رياض الترك أن يدخل في المغامره من دون تردد، وهكذا ولد فيلم “ابن العم”: كاميرا للهواة، هاويان هما أنا والعزيزه لبنى حداد ابنة الشهيد رضا حداد، شهر ونصف من التصوير والمونتاج. وميزانيه شبه معدوه وسياسي مخضرم ومناضل كبير مستعد وقادر على مجارات الشباب.
في ذلك الوقت كان لرياض الترك مداخله على الهاتف في واحد من برامج قناة “الجزيره” ذّكر فيها الشعب السوري ببديهيه حاول الجميع التواطئ على نسيانها. وقال بالحرف الواحد من داخل سوريه: مات الديكتاتور.
قبل اسبوع من بداية مهرجان ايلول وعرض فيلم ابن العم، تم اعتقال رياض الترك وتعرض المهرجان لضغوط هائله حتى يتم الغاد العرض في بيروت، وقامت الممثله نضال الاشقر المسؤوله وقتها عن مسرح المدينه في بيروت، بنقض العقد الذي وقعته مع مهرجان ايلول ورفضت عرض الفيلم. ولم تتجرأ أيه صاله علي عرضه حتى تطوع الفنان المسرحي روجيه عساف وقدم “مسرح بيروت” الذي كان يشرف عليه لعرض الفيلم وتحمل معنا الضغوطات التي مارستها السلطات السوريه والامن العام اللبناني لايقاف عرض الفيلم.
لن أنس في حياتي تلك الامسيه، ابن العم معتقل في دمشق في سجن بشار الاسد وابن العم علي الشاشه في بيروت يروي قصة سجنه في عهد حافظ الاسد…
غادرت بيروت بعد العرض وذهبت مع الفيلم إلى أوروبا حيث تبنته أمنستي واستخدمته في حملتها لأجل رياض الترك. كما عرضت الفيلم في البرلمان الاوروبي الذي صوت مشكورا على قرار للمطالبه بالافراج عن رياض الترك.
بعد سنتين تقريبا عاد رياض الترك إلى الحريه، وبقي فيلم “ابن العم” ليحدثنا عن جوانب من تجربه هذا المناضل في مقارعة الاستبداد، وعن مغامرة شاب وصبيه في صناعة فيلم بسيط يقارب هذه التجربه الغنيه.
وإذا كانت دوائر انتشار هذا الفيلم بقية مرتبطه بالناشطين السوريين وبمتصفحي اليوتيوب، فأن قرار قناة “العربيه” ببثه مرتين اليوم الخميس في الساعه الرابعه مساء بتوقيت دمشق والساعه الثانيه عشره مساء بتوقيت دمشق، سيحمل هذا الفيلم وهذه التجربه الإنسانيه والنضاليه إلى دوائر آوسع مما كنت أحلم وأتأمل، وهذا واحد من بركات وأفضال الثورات العربيه علينا جميعا…
سعادتي لا توصف اليوم بهذين العرضين، وأحب أن أهديهما أولا وقبل كل شيء إلى جميع عائلات الشهداء والمعتقلين السوريين، وأهديهما بشكل خاص لرضا حداد ولوالدي نور الدين الاتاسي، كونهما ذاقا مرارة السجن السياسي حتى نال من جسديهما مرض السرطان اللعين. وأهدي أخيرا هذين العرضين لابن العم الذي لا يزال على العهد والوعد حتى إسقاط النظام…
—————-
فيلم ابن العم كاملاً
[youtube=http://www.youtube.com/watch?v=dY1tRvspJ9k]
تعليق واحد
مجارات الشباب – مجاراة
لن انس – لن انسى