اعترف بأني أنا قد قتلت الآلاف وساعدت بتشريد وتجويع آلاف العائلات…
اعترف أنا السبب في يتم أطفالكم…
وأنا السبب في ترميل بناتكم…
وأنا السبب في استشهاد ابناءكم…
بعد تسعة أشهر كاملة اعترف بأني بصمتي فقط قد كنت السبب في دموع آلاف الأطفال والأمهات الخائفين، بصمتي فقط قتلت غياث وبصمتي اعتقلت نور وأحمد وغيرهم الكثيرين الكثيرين…
تسعة أشهر وأنا أبحث عن فرصة واحدة للتظاهر…
تسعة أشهر وأنا لا أزال أبحث عن مظهر واحد من مظاهر العصيان المدني…
تسعة أشهر أنزل للساحات وحدي أبحث عن تجمع اشاركهم الله أكبر على كل ظالم مستبد…
تسعة أشهر لا أزال أدعو لاسبوع معتقلين واحد ويتيم دون هتافات او شعارات…
أنا من بقعة ما في سوريا تشبه باقي بقاع هذا الوطن في كل شيء عدا شيء واحد فقط يميزنا نحن أبناء هذا الجزء من الوطن هو أننا نعيش خارج حدود الزمان والمكان معاً…
لا أحد غيرنا في العالم قادر على التأقلم مثل ما نفعل … لا أحد غيرنا قادر يحيا متجاهلاً أصوات البكاء التي أصبحت تتعالى باستمرار في بقاع هذا الوطن…
لا أحد غيرنا لا يزعج وقت راحته أصوات الرصاص والدبابات التي تحصد الأرض جيئة وذهابا حولك دون كلل ولا رحمة…
وحدنا القادرين على الاحتفال بالعيد وشراء الجديد وغيرنا أصبح في عيده على شهداء ملأت دمائهم شوارع المدينة غير قادرر على دفن شهيده بمراسم تليق بمستوى تضحيته ومنزلته…
وحدنا إلى اليوم ودون خجل نملأ الساحات ونهتف سوريا بخير، وحدنا فقد ننعت الثوار بالجراثيم والشهداء بقتلى ومغتصبين…
وحدنا إلى اليوم لانزال نسير رحلات إلى تركيا بالجملة فلا هربا من القتل والجوع والتشريد بل رغبة في السياحة والاستجمام…
معجزة كانت على وشك الحدوث !
في لحظة تاريخية ما وتحت ظلام ليل دامس لا يعكر صفو سماءه سوى بلادت مشاعر القانطين تحتها !
صوت ما خرج يهتف يلا ارحل يا بشار صوت ملائكي كدت لا اصدقه، لولا أن أصوات سيارات الشرطة والاسعاف بموسيقاهم التي لحق بها مجموعة من المنحبكجية يصرخون بطريقة استفزازية مقيتة أبو حافظ قد ضمنت لي أن هناك من ازعج نومهم الدافئ وجرهم خلفه في شوارع المدينة كالكلاب…
ربما لن أعلم يوما تفاصيل ما حدث فعلا في تلك الليلة المباركة، لا شيء واضح حيث أنا، في بقعتنا هذه تتكاثر القصص والروايات بعدل قصة كل 9 دقائق ولرواية ذاتها في حينا 9 اوجه مختلفة (مندس جرثومة شبيح منحبكجي مؤامرة خلبية كونية لجان شعبية أياد خارجية مخربين وأخيرا كتيبة باسم غريب منشقة عن منشقين الجييش الحر) فقد في بلدتي جميع هؤلاء يجمعهم شيء واحد رواية خرافية واحدة طويلة وممتدة لاتزداد إلا تعقيدا وخيالاً…
هكذا يعيشون هنا داخل كذبة كبيرة جدا اختاروا بملأ اراداتهم تصديقها والايمان بها… لا خوفا ولا طمعا إلا اننا ببساطة اشترينا امان كاذب غدار مقابل ما تبقى من نخوتنا…
في بلدتي ما يقارب 5 مليون كائن يقضون أيامهم أحياء أموات لا رأي لهم خانعين مستسلمين ومسلمين أمورهم لمن بطش بهم وقتل اولادهم ونهب اموالهم اربعين سنة كاملة…
تباً لنا معشر الصامتون
اعذرونا فقد قتلنا ضميرنا
وصممنا آذاننا
وأعمينا عيوننا وكممنا أفواهنا
خذلناكم جميعا
غدرنا بكم
أرهقاناكم جوعا
شردنا اطفالكم
وقتلنا اولادكم الواحد تلو الاخر
الويل لنا يوم تنصرون
الويل لنا يوم احياء تبعثون
الويل لنا يوم لا ينفع اسف الصامتون
لا عذر لنا … لاعذر لنا بعد اليوم ….. لا عذر لنا
———————–
ش.ق