ياس الناصري
قيل مهما تقدمت الأمم في مختلف مناحي الحياة فإنها تبقى تحن إلى ماضيها وفي العراق كل شيء موجود فيها من آثار وتراث هو الاصل والقدم ، فالعراق زاخر بالحضارات القديمة كالسومرية والاكدية والاشورية والبابلية ويحتضن العراق اقدم تلك الحضارات الانسانية والتي تعكس ماضي العراق ووجود العراق واهمية العراق وارتباط العراق بكل العالم والانسانية حتى ان الجنائن المعلقة مازالت من عجائب الدنيا السبع القديمة . ولذا لم يخطئ من قال ان العراق جمجمة العالم . فالآثار ومعالمها وتاريخها هي قصة مجتمع, وتستطيع أن تحدد مدى تقدم المجتمعات وتطورها والعراق غني عن التعريف بهذا الصدد .
ويحتوي العراق بالإضافة الى الحضارات النصب التذكارية والنصب التذكارية هو عبارة عن بناء عادة ما يكون مبنى ويحمل النصب صورة أو شكلا هندسيا معينا يمثل جانبا تاريخيا أو قوميا أو تخليدا لذكرى شخصية بارزة محلية أو قومية، وتهتم مختلف الدول بها لتبين للأجيال ماهية هذا النصب وعلاقته بالأمة. والدول الأوروبية والأمريكية والآسيوية مليئة بتلك النصب التذكارية وحتى عدد من الدول العربية قد نصبت الكثير منها في الميادين والساحات، ونجد ذلك في الدليل السياحي لتلك الدول وفي طوابعها وحتى في مطوياتها السياحية في مكاتب الطيران التي مثلها تلك الدول. بوصفها ظاهرة مدنية حضارية، تكشف عن سمو إنساني وقيميّ غاية في التقدم والشعور بالمسؤولية الوطنية والتاريخية تجاه أبناء الوطن، وعراقنا عراق الحضارات والاحداث مليء بهذه النصب التذكارية من البصرة الى دهوك ، ولكن وللأسف لاقت الحضارة والنصب التذكارية الفساد المالي والاداري والتخريب المتعمد من اعداء العراق ونهبت النصب والكتب القديمة والتماثيل والارشيف اليهودي وغيرها وبيعت وهربت الى خارج العراق . وحقيقة الامر كان لابد ان يكون هناك اهتمام بالغ بهذا الارث الحالي والقديم (النصب والاثار) سواء من الجانب السياسي او الديني ، والجانب السياسي عليه العفا والسلام لأن السياسيين مهتمون فقط وفقط بالمناصب والعراك السياسي وهذا ما يعرفه كل عراقي لبيب وعاقل وفاهم . بقي الجانب الديني والذي يعول عليه جدا في هذه المرحلة ، وحقيقة اننا نقف امام مفترق طرق في هذا الجانب حيث نواجه مرجعيات لا تهتم بالتراث والنصب التذكارية اي (مرجعيات غير حضارية) وبالمقابل مرجعيات تهتم بالحضارات والنصب التذكارية (مرجعيات حضارية) فاني بحثت في موقع بشير الباكستاني فلم اجد اي شيء يتعلق بذلك
http://www.alnajafy.com/list/mnajaf.php
وكذا الحال مع موقع محمد سعيد الحكيم
http://www.alhakeem.com
وكذا الحال مع موقع الفياض
http://www.alfayadh.com
وحتى في موقع السيستاني فأننا لم نجد ذلك الاكتراث والتخوف على الحضارة العراقية والنصب التذكارية الا اللهم انا وجدنا انه لا يرخص في الاثار الاسلامية فقط
http://www.sistani.org/index.php?p=297396&id=2211&perpage=3#06422
حيث لا يهتم السيستاني بالآثار القديمة كالسومرية والاكدية وغيرها وكذا الحال بالنصب التذكارية ، ولكن رغم مخاوفنا على تراثنا فإننا وجدنا تلك المرجعية العراقية العربية التي تهتم بالحضارة والتمدن والنصب التذكارية وتطالب بصيانتها والحفاظ عليها واعطائها الاهمية ، كما وطالب بنصب نصب تذكارية ، وفي بيان صارخ من لدن المرجعية العراقية المتمثلة بالسيد الصرخي الحسني بخصوص الاثار ، بيان 41 (آثارنا تربطنا بأرضنا
http://www.al-hasany.com/index.php?pid=5
حيث يقول (الآثار القديمة يجب صيانتها والحفاظ عليها لأنها تربطنا وتشدنا لأرضنا وعراقنا الحبيب وشعبه العزيز والمفروض أنها توحّدنا لوحدتنا القديمة الازلية على أرض الرافدين التي تكشفها وتعبّر عنها الآثار القديمة ، فهي فخرنا وعزّنا لأنها تضيف عنصر وأساس قوة لنا ولأرضنا فيصح أن نقول بل الواقع يثبت أن العراق أصل ومنبع الحضارات وأرض الأنبياء وشعب الأوصياء والأولياء الصالحين الأخيار ، نعم عراقنا عراق الحضارة والنبوة والإمامة والولاية الصالحة العادلة) ويضيف المرجع الصرخي بنفس البيان (ولولا الاحتلال وقبله الدكتاتورية ولولا الفساد والمفسدين ولولا العملاء والمنتفعين لاستثمرت الآثار والمناطق الأثرية على أفضل وانجح استثمار ولأصبحت ثروة وطنية كبرى كالنفط والزراعة ، لكن أين النفط وأين الزراعة بل أين الإنسان العراقي ، وبالتأكيد تقول أيضاً أين الآثار والسياحة والتراث الديني والوطني والقومي وغيرها أين هي ؟!! )أي ان المرجع الصرخي يدعو الى استثمار الاثار والحضارة في العراق وهو يدعو الى ثروة وطنية كبرى ، وهذا ما اشرت له ان هناك (مرجعيات حضارية) مستمدة نهجها وكيانها واثرها من واقع العراق الحضاري لذا لم يكن اعتباطا ان يدعى (عراقي عربي) ويشدد المرجع الصرخي في بيان 3 (المقابر الجماعية السنية والشيعية
http://www.al-hasany.com/index.php?pid=96
) حيث يحث على اقامة المعارض والنصب التذكارية للمقابر الجماعية من السنة والشيعة حيث يشير ( النصب والتذكار والمعرض يمثل جزءا رئيسا من تاريخ العراق وحضارته ) ويضيف المرجع الصرخي في مرجعيته الحضارية انه لابد ان نكون مرتبطين جدا مع وطننا وخصوصا عراق الحضارات وهذه الدعوة بحد ذاتها دعوة للحفاظ على التراث باعتبارها احد هويات المواطنة ففي بيان 72 الحذر الحذر من طائفية ثانية
http://www.al-hasany.com/index.php?pid=41
حيث يقول المرجع الصرخي معبرا عن وطنيته واصالته (ولابد علينا جميعا اثبات وطنيتنا وارتباطنا بعراق الحضارات وشعب الانبياء والاوصياء والاولياء والصالحين …) وحقيقة الامر ان هذه المواقف لابد ان ترد جميلا بنصب نصب تذكاري للمرجع الصرخي في كل محافظة عراقية لأنه المرجع الوحيد الذي – كما يعبرون – (قلبه على دينه ووطنه) وصاحب المواقف الوطنية التي يشهد لها العدو والصديق وكل اطياف الشعب فلم يترك المرجع الصرخي موطنا الا وكان له فيه رأيه وفعله وقوله ، ناهيك عن الدور الديني في صيانة المذهب والمرجعية والاجتهاد من الاندثار بسبب المؤسسات الدينية الخاوية اللا حضارية .