دمشق
عاد الرئيس السوري إلى أرض الوطن بعد زيارة استمرت عدة أيام في الكويت، وقع على إثرها كل من الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس المصري حسني مبارك والعاهل السعودي المللك عبد الله بن عبد العزيز على اتفاقية المصالحة العربية بعد فتور وقطيعة في العلاقات بين سوريا من جهة وبين مصر والسعودية من جهة أخرى. وكانت العلاقات قد تدهورت بين سوريا ومصر والسعودية بعد انتقادات لاذعة وجهها الرئيس السوري لـ”بعض الحكام العرب” بسبب موقفهم المنتقد لسياسات حزب الله في لبنان.
عاد الرئيس السوري وقد وقع على المصالحة.. أي أن المياه قد عادت لمجاريها.. أو هذا على الأقل ما كان يفترض. عاد الرئيس ولم تعد المياه إلى مجاريها.. شيء ما حصل في الكويت.. شيء تسبب بـ”نزع مراء” الرئيس السوري فغير رأيه ولم يعد يريد أن يسمع لا بالمصالحة ولا بحسني مبارك.
فلاش باك – الكويت
بعد أن قام الرئيسان السوري والمصري والملك السعودي بالتوقيع على المصالحة.. وبعد أن قام الجميع بـ”تبويس شوارب بعض” عادت الضحكات الصفراوية إلى الوجوه. وعندما كان الرئيس السوري يلتفت خارجاً، قام حسني مبارك بممازحته وضربه ضربة خفيفة على قفاه من باب التحبب والموانة. لم ترق الحركة لبشار الأسد.. ولم يأخذ الضربة بروح رياضية.. ولم تصله فكرة حسني الذي ما أراد إلا ممازحة ابن صديقه القديم الراحل الذي طالما جلس على رجله وطالما لعب بألعاب جمال وعلاء.
دمشق
لا يزال الرئيس السوري يرى أن البلد واتفاقيات البلد وأهل البلد أقل أهمية من قفاه.. إن أي إهانة لتلك القفا الرئاسية يعد إهانة مباشرة لكل الشعب.. وأياً ما كانت الظروف، فلا بد للشعب السوري أن يضع حياته ولقمة عيشه جانباً من أجل التضامن مع القفا الذي تمت إهانته. على الشعب السوري أن يتخلى عن أحلامه بالحرية .. عليه أن يحني رأسه ليس فقط صعوداً ونزولاً من السرفيس، ولكن ليقول لرئيسه “منحبك”.. ولا يهم بعدها إن أكل خبزاً أو أكل خرا.
كل هذا الاعتقال والضرب والاختطاف والقتل والدم الذي يحرق البلد منذ ستة أشهر ليس من أجل عيون الرئيس الزرقاوان، بل من أجل قفاه.. كل قوات الجيش والأمن والشرطة والشبيحة والـ”منحبك” والتلفزيون الرسمي وشبه الرسمي والصحف الرسمية ونصف الرسمية ومحطات الراديو ومواقع الانترنيت والجيوش الاكترونية وكل أنصاف الرجال ومذيعو الأخبار وشيوخ السلطة (مع أو بدون فلاشة) وكل من يلاط به ومن لا يلاط به مسخرون اليوم لخدمة القفا الرئاسية.. تزول البلد ولا تزول القفا من على الكرسي.
أمة عربية واحد – ذات قفا خالدة
من الذي يحكم؟ الرئيس أم مزاج الرئيس أم قفا الرئيس؟ يغيرون اسم البلد من أجل مزاجه.. يغيرون دستور البلد من أجل قفاه.. الشعب يريد اسقاط الرئيس.. والرئيس يريد اسقاط الشعب.. الشعب يهتف: الموت ولا المذلة والرئيس يهتف: الموت والمذلة.. لم يفهم الشعب بعد السبب الكامن وراء عدم سقوط الرئيس حتى الآن.. كل الشعارات تدعو لإسقاط الرئيس.. ولا بد للشعب إذا أراد أن يتنصر أن يهتف: الشعب يريد اسقاط قفا الرئيس.
عندما سيسقط بشار الأسد عن كرسيه، سوف يجد بانتظاره حسن مبارك ليضربه مرة أخرى على قفاه.. وهذه المرة، لن يجد صاحب القفا المقدسة بقربه من يواسيه ويمسح دموع قفاه.. ولن يجد من يطبطب عليه ويقول إن البلد وأهل البلد كلها فدا قفاه.. وقد يدرك ساعتها أن أباه وأمه وأخوته وزوجته ومعاونيه وكل من حوله قد ضحك عليه يوم غيروا دستور البلاد من أجل أن يلائم الكرسي الخالي قفاه النحيلة.. وربما يفهم أخيراً أن الكرسي كان دائماً أكبر من قفاه وأن قفاه أهم منه هو شخصياً.
————————
بقلم: orange