هذه الرسالة موجهة إلى من يمثل الشارع السوري، مع علمي بأنّ الشارع لا يمثله إلا نفسه، ولكنني قصدت هنا أولئك الذين يسمون أبطال الفيس بووك والفضائيات، وإلى التنسيقات. ولعلّها تصل منهم إلى الشارع السوري.
كما أود أنّ أذكر في البداية بأنّ حديثي سيأخذه البعض على أنّه تنظير وأنني الآن أقيم خارج سوريا، وبأنني لم أفقد أخاً أو ابناً في الأحداث الأخيرة. وسأقول لهؤلاء تذكروا بأنني كنت من أوائل المعتقلين في هذه الثورة، وبأنني وعائلتي دفعنا ثمناً هائلاً بسبب مواقفنا من النظام الحالي على مدى عشرات السنين، ولا منّة في ذلك، بل أقل من واجبٍ تجاه هذا الوطن. لن أذكر التفاصيل هنا، حتى لا يقال بأنني أتسلق على “ظهر” الثورة، ومن أراد أن يرى فله عينان فليبصر.
عذراً على المقدمة الطويلة، لكن أظن بأنّه لا بدّ منها، وسأدخل الآن إلى موضوعي مباشرةً.
تكثر الدعوات حالياً إلى تسليح الثورات، فنرى صوتاً من هنا وآخر من هناك يدعو إلى إمكانية تكرار ما فعلّه الثوار الليبيون، وبدأت هذا الأصوات تعلو شيئاً فشيئاً، وذلك تزامناً مع بعض الدعوات التي تطلب التدخل العسكري القادم من الخارج.
وسأبداً الآن بشرح بعض النقاط من وجهة نظري، فإن بدأنا بمقارنة سوريا بليبيا سنرى عدداً من الفروقات لا يخفى على أحد، ولعلّ أبرزها بأن الثورا الليبيين ما إن بدأت ثورتهم حتى سلّحوا أنفسهم وأعلنوها ثورة مسلحة على النقيض تماماً كنت سوريا، فثوارنا كانوا منذ بدء احتجاجاتهم ينادون بثورة سورية سلمية إلى أبعد الحدود، كما أننا نستطيع أن نميز بأن سوريا تمتلك عدداً هائلاً من الطوائف والأثنيات والقوميات على عكس ليبيا. ولن أدخل في تفاصيل الاختلاف أكثر، لكن يبدو جليّاً وواضحاً بأنّ الثورة السوريّة لا تشابه الليبية.
ما الذي سيضر في الثورة المسلحة؟
سؤالٌ قد يطرحه الكثيرون، والإجاية عليّه قد تكون صعبة، لكن فلننظر إلى ما فعلناه بسلميتنا منذ منتصف آذار الماضي. العالم كلّه يتحدث عن الثورة السوريّة، والرأي العام العالمي كلّه تحول إلى معادٍ للنظام الذي يحكم هذه البلاد، وذلك رغم تخاذل الحكومات إلى حدّ كبير. لولا سلميتنا لما كنّا حديث العالم الآن. وهنا أحب أن أذكر بفيديو انتشر منذ أيام يتحدث فيه أحد الأشخاص إلى قناة بي بي سي الإنكليزية عن ثورة أوغندا، وكان يقول: علينا نحن في أوغندا أن نتعلم من الثوار السوريين، أن نتعلم من صبرهم وثباتهم. لقد أصبحت ثورتنا تُدرس بسبب سلميتها. لن أكون مثالياً هنا إن قلت بأنه علينا التفكير في المستقبل أيضاً، بالإرث الذي سنتركه للأجيال التي ستأتي من بعدنا، بالإرث الإنساني الذي سنتركه. هل نترك تاريخاً مكتوباً بالدماء؟ أم تاريخاً مرسوماً بأغصان الزيتون؟
وهناك من يتحدث عن تدخلات عسكرية في سوريا، فيراودني سؤالٌ هنا: ما الذي سيدفع الدول للتدخل من أجلنا؟ أحقاً من أجل الإنسانية وحقوق الإنسان أم من أجل مصالح معينة؟ وطالما لست متأكداً من الإجابة ولن أتأكد منها، فسأرفض هذا التدخل، وفي العراق لنا مثل.
إذاً ما الحل؟
بما أنّ النظام لن يكف يد الأمن والشبيحة ولن يتنازل عن السلطة بدون ذبحنا جميعاً، فالحل يكمن في أن لا نعاملهم بالمثل. أي أن نحافظ على سلميتنا وفي ذلك وجهان، الأول: كسب الرأي العام العالمي “الشعبي”، والثاني: هو أن نبني مستقبلاً مشرقاً لا يقوم على الدماء، على أمل إعادة تأهيل الشبيحة، فهم وإن كانوا يقتلوننا لكنهم ضحية، وأبناء هذا البلد مثلنا.
وباستمرار الشارع السوري بالتظاهرات الكبيرة والصغيرة وفي كلّ مكان وبهذا الزخم، سيغير من رأي الحكومات، وسيقفون إلى جانبنا عاجلاً أو آجلاً. وسيزيد من الضغوط الدولية على النظام. فالآن مثلاً بدأت القطيعة الاقتصادية للنظام، بالطبع هذا سيأثر على النظام في مدى عدة شهور. لكن سيكون الناس من عامة الشعب متضررين أيضاً، ﻷن الأسعار ستبدأ بالازدياد ولا يخفى على أحد نسبة الفقراء في سوريا. لكن سنستطيع تجاوز هذه الأزمة شرط اللحمة الشعبية والمحبة بين الناس، وأنا واثقٌ من هذا. وسأورد هنا مثالاً من حماة، فعند محاصرتها من قبل الجيش وقوى الأمن قبل اجتياحها منذ قرابة الشهر. كان الناس يساعدون بعضهم بشكلٍ رائع، فعلى سبيل المثال كنّا نشاهد صغار التجار في سوق الخضرة يضعون بضائعهم وينادون: “اللي بيحتاج يشيل وكل واحد يشيل حاجتو واللي عندو شوي يترك للي ما عندو”. بهذه النفسية وبهذه العزيمة سنتغلب على كل شيء.
سيسقط النظام شاء أم أبى، عاجلاً أو آجلاً، بأي طريقة كانت. ولكن من أجلنا ومن أجل مستقبلنا فلنحافظ على سلمية ثورتنا، وعلى وحدتنا الشعبية الجميلة.
———————————
بقلم: دلير يوسف
تعليقان
خلال ما دعي زلزال دمشق لم تخرج مظاهرات كما اريد اكبر مظاهرة خرجت في حمورية وسقبا لا تتجاوز الالفي شخص حقيقى القاعدة الجماهيرية تتناقص كل يوم
اتمنى على الجميع ان يقرؤوا ما حصل في الجزائر في فترة التسعينات من القرن الماضي حتى نتعلم من اخطائهم لان نتائجها كانت كارثية انذاك على الاحرار في الجزائر ففشلوا فشلا ذريعا في ازالة النظام الفاسد وخاصة بعد ان ربحوا بالانتخابات النيابية حيث ان النظام الفاسد بالجزائر رفض هذه الانتخابات والغاها …. الجزائريون الاحرار حملوا السلاح ضد الجنرالات لاخذ حقهم بالقوة فخسر الشعب 200 الف شخص خلال عشر سنوات ولم يستطيعوا ازالة النظام لا على العكس تماما اعطي النظام الشرعية للقضاء على الاحرار الذين سموا بالارهابيين وبدعم دولي غير مسبوق فاصبحت الدولة تقتل في الناس العاديين وتقطع الاطراف والرؤوس كما يفعل النظام السوري الان وينسبون هذا الفعل للعصابات مسلحة ايضا النظام الجزائري قام بالعديد من الاغتيالات ونسبها للارهابيين حتى في فرنسا قام بهذه الاغتيالات حتى يسوغ لنفسه قتل الاحرار بيد من حديد امام العالم بالاضافة الى ان الثوار الذين حملوا السلاح كانوا بقتلون الامن والجيش والشرطة وبطرق بشعة انتقاما من الدولة ماهي النتيجة … تم تصفية الاحرار وبابشع الطرق وقتلهم وبدعم دولي على مدار عشر سنوات … الضحايا المدنيين وحسب الاحصاءات الرسمية وصلت حتى 200 الف … النظام الفاسد عاد اكثر قوة من ذي قبل … والان الجزائريون لن يفكروااا ابدا بعمل اي ثورة على هذا النظام لما رأوه من قتل وتنكيل …. والقرار لكم يا ثوار الشام