حين رفعنا أصواتنا للمطالبة بتشكيل المجلس الإنتقالي السوري في الشهر السادس 2011 كانت الأهداف الرئيسة من تشكيله هي:
1- نقـل مطالب الثورة والثوار إلى المجتمع الدولي ومتابعتها لحين تنفيذها.
2- جلب الدعم الدولي للثورة …. سـياسياً وعسكرياً وإغاثـياً.
3- تشكيل الجيش الوطني الذي سيدافع عن الثورة ودعمه ليكون تحت مظلة المجلس.
4- إدارة البلاد في الفترة الإنتقالية لحين اجراء الانتخابات الحرة والنزيهة.
مع التأكيد على أن يكون مجلساً مؤقتاً ، وأن يتعهد جميع أعضائه بعدم الترشح لأي منصب في الدورة الأولى ، حتى لاتعتبر عضوية المجلس منصباً و تشريفاً وإنما مهمة وتكليف. وحين تشكل المجلس الوطني السوري لاحقاً كان كالخنجر الذي غُرز في جسد النظام ، وسَعد الثوار بتشكيله باعتباره الجسم الذي سيمثلهم ويوصل مطالبهم للعالم ، ورفعوا اللافتات فرحاً وحبوراً ( ليس بالضرورة كلها عفوية ).
ولكن للأسف فمنذ مقابلة الاعلامي أحمد منصور للدكتور/ برهان غليون (الرئيس المرتقب) إتضح الشكل العام لقياداته وتوجهات الأعضاء المتحكمين فيه ، حيث ما لبثت أخطاؤهم أن توالت ، فقصّروا وأهملوا بأداء واجبهم ، ولم يستطع بقية الأعضاء ولا الثوار اقناعهم بضرورة تنفيذ هذه المطالب ، إضافة الى أن عدم تعهدهم بما طُولبوا به شـّكلَ تنافساً محموماً للمشاركة في المجلس ، ألهت الكثيرين عن الهدف الأسمى للثورة باسقاط النظام ( علماً أنه لم يكن هدفاً لبعض أعضاء المجلس في المراحل الأولى ).
تم الضغط على العديد من الشخصيات التي كانت خارج المجلس للمشاركة فيه أملاً في رص الصف ، ولكن الكثيرين استقالوا منه بعد اكتشافهم لأساليب وطرق عمل قياداته. وطُرحت عدة مبادرات لاعادة هيكلة المجلس واصلاحه بائت جميعها بالفشل في أي تغيير يساعد في اخراج المجلس من دائرة الاحراج التي وضع نفسه فيها.
كانت تحركات المجلس متأخرة باستمرار عن شباب الثورة بعدة مراحل ، على الرغم من أن المفروض تفوق المجلس ليكون هو القائد والمبادر والسبـّاق في وضع الاستراتيجيات والخطط وتنفيذها.
بذلك هوت شعبية المجلس الى درجة أن الكثير من الثوار والمعارضة لم تعد تكترث له واعتبروه مجرد تجمع للمعارضة لا أكثر ، دلل على ذلك مؤتمر المعارضة التي دعت له جامعة الدول العربية في القاهرة حيث اتضح لكل مراقب أن المجلس الوطني قد وضع نفسه بالفعل في موقع (احدى اطياف المعارضة) وليس ممثلا ً للثورة. ومع تطور وتسارع الأحداث وإمعان نظام الاجرام في مجازره ، يقابله تصاعدٌ في أداء الجيش الحر والكتائب المدافعة عن الوطن ، وتنفيذ عملية اغتيال أعضاء خلية إدارة الأزمة متزامناً مع دخول دمشق وحلب في بؤرة الأحداث ، ووضوح الصورة بأن سقوط النظام بات وشيكاً وحتمياً ، صار لزاماً العودة لنقطة البداية للقيام بما يحقق الأهداف الرئيسة من انشاء المجلس الوطني ، وأضحى لدى الكثير قناعة بأن البلاد ستدخل حتماً في مرحلة الفراغ السياسي والأمني في حالة سقوط النظام ، وقد يتبعها انفلات أمني وتفرغ بعض الجهات لتصفية الحسابات المؤجلة لحين سقوط النظام.
لذلك طرح مجموعة من المعارضين والثوار مشروع الحكومة الانتقالية وتكفلوا بالتواصل مع كافة أطياف المعارضة والثوار للمناقشة والتشاور بدون اقصاء او استئثار وكلفوا شيخ الحقوقيين الأستاذ/ هيثم المالح بمهمة التواصل وتشكيل هذه الحكومة.
وفي رد متوقع من قيادات المجلس الوطني السوري ، استنكروا هذه الخطوة واعتبروها متسرعة ، كونهم اعتادوا على الهدوء والرزانة والبطئ السلحفاتي في كل ماله علاقة بالثورة ، فهم دأبوا باستمرارعلى اعتبار أن قيادة سورية والثورة هي مهمتهم الحصرية ولايجوز لأحد مجرد التفكير بمشاركتهم في هذا الأمر ، كما عملوا في كل موقعة على مهاجمة واحباط أي محاولة تسعى للتنظيم والترتيب ، ونسوا او تناسوا كيف تم تشكيل المجلس الوطني في حادثة الفندقين المشهورة.
كنت أفكر شخصياً – كما بالتأكيد يفكرغيري – في الحلول المُـثلى للخروج من حالة الفوضى المتوقعة .. وتدور بأذهاننا تساؤلات لم تجد حلا ً للآن. فحين سقوط النظام من سيدير الوزارات ؟ والسفارات والقنصليات في الخارج ؟ من سيدير الشركات الخدمية والمصانع الحكومية ؟ من سيدير البلديات ؟ من سيدير الشرطة والأمن العام والمحاكم؟ من سيدير الجيش ؟ من ومن ومن …؟؟؟
ان قيادات المجلس الوطني الحالية تجد صعوبة في إدارة مجلسها فكيف ستتمكن من إدارة بلد بأكمله ..؟؟!! ناهيك عن تداول حديث بين بعض الثوار حول انتظارهم الانتهاء من إسقاط النظام للتفرغ لمحاسبة أعضاء المجلس الوطني فرداً فرداً ، وغالى البعض في المطالبة بتعليق مشانق البعض منهم .
إذن لابد من ايجاد حل لذلك … فعاد شيخ الحقوقيين لفكرته التي كان قد طرحها قبل تشكيل المجلس الوطني حينما طرح فكرة حكومة الظل واستنكرها الكثيرون في تلك الفترة.
شخصياً قبل أن أعلم أنه يعمل على تشكيل الحكومة الانتقالية وأنا أعتبره الشخصية الأكثر قدرة على تقوم بهذه المهمة فهو حقوقي … وقاضي ورئيس محكمة سابق … ومعارض صلب … عانى من سجون النظام قبل أن يولد الكثيرون من شباب الثورة ، لا أقول أنه خالي من المساوئ فجميعنا كذلك ، ولكن يكفيه فخراً رصيده الشعبي الكبير وعلاقاته الدولية الكبيرة ، وأنه عارض النظام في عقر داره ، وأرى شخصياً أن فكرة الحكومة الانتقالية تستحق الدعم بكل قوة من الثوار والشرفاء حتى تنضج بشروط أهما:
1- أن تكون حكومة (تكنوقراط ) تشكل من الشخصيات المستقلة ( مدنيين وعسكريين ) ذوي الكفاءات والخبرات ، خارج حسابات المحاصصة السياسية والحزبية.
2- أن يتعهد أعضاؤها بعدم الترشح أو استلام أي منصب في دورة الانتخابات الأولى.
3- أن تكون محددة بوقت زمني معين.
4- أن لايكون مسمى أعضاءها ( وزراء ) وإنما: المشرف على وزارة ……………… أو القائم بأعمال وزارة …………… ، تلافياً للتهافت على المهمة باعتبارها منصباً.
5- تكون نسبة أعضاء الحكومة من الثوار والشباب والكفاءات من داخل سورية 60% من مجموع الأعضاء.
6- أن يتم تشكيلها وإعلانها من داخل سورية ، فلدينا الآن مناطق محررة يمكن العمل فيها وإنشاء المكاتب اللازمة لها.
7- أن يكون العضو متفرغاً تفرغاً كاملاً ويُصرف له راتب معلوم للجميع.
فحين تحقق هذه الشروط يتحتم علينا جميعاً دعم هذه الحكومة الانتقالية لترى النور، ويمكن حينها للمجلس الوطني السوري أن يقوم مقام البرلمان .. أو مجلس الشعب لمراقبة أداء هذه الحكومة ومحاسبتها ، فقد صبرنا على المجلس الوطني تسعة أشهر أفلا نعطيها الفرصة لاثبات جدارتها؟؟؟
ســيد السباعي
http://www.facebook.com/SayyedSibai