تجاوزت درجة الوحشية التي تواجه فيها سلطة الغدر والإجرام ، ثورة الشعب السوري كل حد ممكن أو معقول في الأعراف الدولية، وحتى في “تقاليد الحروب”، وفي هذه النكبة الإنسانية الكبرى أود أن ألقي بعض الضوء على دور محافظة السويداء في هذا الوقت،
لدى أهل السويداء وضع خاص، تصيبهم عقدة جلد الذات، أن دورهم في الثورة لم يكن كافٍ، يشعرون بالتقصير، مهما فعلوا، حتى “يكفروا” عن دورهم الضعيف في الثورة السورية، بل عن بعض ما ظهر للإعلام حتى من تأييدهم لنظام الغدر والإجرام.
لكن هذا ليس صحيحاً، وهذه بعض الأسباب،- محافظة السويداء صغيرة، مهملة، معظم شبابها في المهجر، لا تكاد دولة في العالم تخلو منهم، ومع ذلك، فقد خرجت التظاهرات، ومنها ما كان حاشداً .. رغم التشديد الأمني الأكثف، ورغم أن اسلوب السطلة الخبيث ، كان في تسليط الناس على بعضها لقمع الاحتجاجات ، من خلال محاولة خلق فتنة أهلية، ورغم أساليب التملق التي حاولت السلطة أن تظهرها تجاه المحافظة في جهود حثيثة لتحييدها من أجل ترويج خدعة “حماية الأقليات”
– في الجاليات السورية في المهجر، يحاول أهل السويداء، بذل جهود – أحياناً مضاعفة – لمحاولة خدمة الثورة والانخراط في نشاطات مؤيدة لها، لمحاولة التعويض عما يشعرون به من تقصير، و للتبرؤ التام من الفكرة التي تتم المحاولة لترويجها، أن أهل السويداء مؤيديون لنظام المجرم بشار الأسد.
– بعد أن انتقلت بعض العوائل السورية من باقي المحافظات إلى السويداء، حيث أنها أكثر أمناً، بدأ الجميع بما فيهم من لا يؤيد الثورة، ببذل الجهود للمساعدة في جهود الإغاثة الإنسانية، وقد تشكلت هيئات مدنية منظمة بشكل جيد، للقيام بهذه المهمة على أكمل وجه.
وهنا، لا بد من التوقف عند هذا الإنجاز الإيجابي، أن تجعل الجميع ينخرط في جهد انساني، هذا بحد ذاته عمل ثوري بامتياز.
متابعة تعاون أهل درعا وأهل السويداء، وبالطبع من يجاورهم، على جعل هذا المكان آمن، و أيضاً، على تبادل الإمكانيات للتغلب على الضائقة الاقتصادية التي يحاول النظام أن يحشر الجميع بها كما هو معلوم حالياً، يقطع الطريق كلياً، على النظام المجرم في محاولاته اللانهائية في تسميم الأجواء بين الأهالي.
الثورة اليوم تطور أشكال جديدة من الانخراط بها، واحدة من الأمثلة، هي أن يجد الثوار أن ذويهم يستطيعون مواجهة الحياة بأقل ما يمكن من الخطر، حتى تبقى معنوياتهم في أحسن حالاتها.
ما هو مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو خلق حاضنة مناسبة لتطوير جهود السلم الأهلي التي تحتاج إلى الجميع وهذا واحداً مما يواجه الثورة السورية العظيمة.
مانيا الخطيب – هلسنكي