وائل دندشي
يعيش السوريون في الخارج في مستوى وبيئة عيش مختلفة تماماً عن الداخل.. إن ما يحدث بعد قرابة العامين من اندلاع الثورة هو تعميقٌ للفجوة بين الداخل والخارج.. فجوة اجتماعية بحتة.. حدث أن زارنا بعض المعارف المقيمين في سوريا لفترة قصيرة جداً فلم يستطيعو البقاء طويلاً وعادو مسرعين للوطن.. يحملون في مشاعرهم مزيجاً من القرف والغضب من مستوى وعادات المعيشة التي تحيط بنا بالرغم من أنها تبدو تقشّفية بالنسبة لنا.. المغتربون السوريون وعلى رأسهم مهجّري الثمانينيات والّذين يقدّرون بتسعة ملايين سوري كانو قد تعودو على بيئة مدنية مختلفة جعلت سوريا ما قبل الثورة غير مناسبةٍ بالنسبة لمعيشتهم.. فما بالك بالخراب الّذي حلّ بها بعد قيام الثورة!.. أخشى على مجتمعنا من الإنقسام أكثر فأكثر حين نشهد هذا النظام “الإبليسي” يستمر في استهداف واغتيال نشطاء المجتمع المدني في الداخل وإطلاق العنان للزعران وتوفير السلاح لهم.. لا أقصد بحديثي هذا الكتائب المقاتلة، ولكنني أتحدث عن الطرف الثالث الذي بات ظاهرةً شديدة الوضوح من المسلحين من ذوي خلفيات وسوابق الإجرام واللصوصية الّذين أطلقهم النظام في صفوف الثوار ونشر بينهم حبوب الكبتاغون والفاليوم لتنتشر بين صفوف الشعب السوري عامّة.. الأمر الذي يدعم ظهور حركات التطرّف.. وهنا أقصد التطرّف اليميني واليساري على حدّ سواء.. إن ما يحدث باختصار هو حرقٌ لسوريا شعباً وحضارة.. كما أنه لم يعد للهلال الشيعي أية فرصةٍ مع كل هذا الدمار.. لأن من أهم مقوماته قيام دولةٍ قويةٍ داعمةٍ لذلك المشروع في سوريا.. إن العدو المفلس يقوم اليوم بحرق نفسه بيديه على مبدأ علي وعلى أعدائي..
يا سائلي عن الأمل.. مازلتُ أرى بصيصه بالنسبة للداخل متمثلاً بالتمسّك بالوسطية ونقل الثورة باتجاه المجالس “المدنية” الغير عسكرية وتفعيل اللقاءات الحوارية داخل المدن والقرى.. الأمل بعد الله بهذا الشباب لينهض بحراكه المدني من جديد.. وأخص بالذكر نشطاء الثورة المدنيين الذين تركو الساحة لمن تبنّى الخيار العسكري.. هم الأقرب للعودة للحراك الداخلي الرامي إلى بلورة مستقبل هذا الوطن وهذه الأمّة العظيمة.. لا أملك أنا ولا غيري روشتةً تفصيلية تحوي تفاصيل ذلك الحل.. ولكن وكما صنع الداخل ثورته.. فبإمكانه من خلال الحوار تحت مظلّة المجالس المدنية توجيه تلك الثورة في الإتجاه السليم..
أما بالنسبة للخارج.. فالحل يتمثل بعدم الإنقطاع عن الوطن.. لقد باتت المساعدة عن بعد غير كافية.. وأصبح من الضروري لكل من يستطيع ترتيب الزيارات الميدانية عن طريق المنافذ المحررة وعبر الوسائل المختلفة.. علينا السعي الحثيث للتفاعل واللقاء مع الشباب الواعي في الداخل من أجل تفعيل العمل المشترك.. آن الآوان لنقل المساعدات المادية التي ترد من الخارج لمستوى أكثر تطوراً.. آن الأوان لتفعيل المشاريع المدنية في الداخل السوري بأيدي سورية وبتمويل سوري بحت..
أسأل الله الكريم أن يقدّر لثورتنا المباركة أسباب النصر في القريب العاجل إن شاء الله تعالى..
تعليق واحد
تنبيه: الشعب السوري بين الداخل المستهدف والخارج المهمّش… بقلم: وائل دندشي « مختارات من الثورة السورية