قد تكتب بوست عن الوطنية وفي قلبك عفن الخيانة , قد تحكي عن الإنسانية وفي عقلك مستقع من الأفكار الأجرامية , قد تمدح الأخلاق والأخلاق بريئة منك , البوست هو مجرد كلام على الحائط وليس موقفاً أو فعلاً تراه أمام عينيك , والفرق بين الكلام والفعل هو فرق كبير جداً فالأخير يحدد لك من تصاحب ومن تعادي ومع من تتكلم ومن هذا الشخص الذي سترافقه في حياتك لكن الكلام ما أسهله من “فعل ” , تقول كلمات جميلة قد تصدقها أو لا , حسب ذكائك !, عشت سنةً كاملة في الفيسبوك أكلم أشخاصاً منهم من يمدحني ومنهم من يذمني وينتقدني , لكن بيني وبينهم حائط من الشكوك. جميعاً , لا يمكني هدمه , ترى هل ذلك الذي يكلمني خلف الشاشة صادق في كلامه !؟ و وهل تلك التي تحكي لي عن حياتها صادقة ؟ , ما أدراني ؟ , كل ما اراه كلمات ختفت بوجوه مبتسبة أو حزينة ! , وهنا يزيد الأمر تعقيداً, هل تلك الابتسامة حقيقة نسخت من وجه الشخص ونقلت إلى المحادثة فوراً ؟ هل تبتسم فعلاً؟ , هل تحزن خقاً ؟, أنك تكلم الشخص ووسط غيمة من التساؤلات حوله .
كم من شخص فيسبوكي مدحني ..وهو كاذب مجامل ؟
كم من شخص فيسبوكي حدثني عن قصص من نسج خياله ؟
وكثير من الاسئلة , تضيع في متاهة البحث عن حقيقة الأمر , حقيقة أن هذا الشخص صديق حقيقي !؟ أو مجرد فيسبوكي ؟ , في الواقع لا يختلف عن الامر كثيراً , فقط البوست يتحول من كلام منسوخ إلى صوت وصورة , كم من شخص يكذب ويجاملك !؟ , شخص من لحم ودم موجود أمامك ..امام عينيك , تسمع صوته ..تراه ..!؟
من يكسر هذه الشكوك هو الموقف الذي يصدر من الشخص , انها بديهية ولا داعي للحديث عنها , موقف جميل من شخص تجعله أفضل صديق لي , موقف جميل واحد أفضل من الف كلمة على الفيسبوك وعلى لسان !, لكن للأسف لا توجد أفعال من قبل الفيسبوكين , او تعجز عن تقيم ذلك , فالفيسبوكي غير قادر إلا على الكلام ! , الكلام المنمق المصمم الموضوع , لا صلة له بالحقيقة , الصداقة أكبر من أن تكون كلاماً , الصداقة مواقف في المواقع ولا تصدق من يقول أن هناك مواقف فيسبوكية جميلة ! , إذاً لا تصدق من يمدحك في الواقع أو في الفيسبوك إذا لم يصدر منه موقفاً ويستحيل في المكان الأخير , لا تصدق من يقول لك أنك صديق إذا لم يكن فعلاً هو صديق ,لا تصدق أن الصداقة فترة في الحياة وانها مجرد لهو , انها قيمة إنسانية مهمة لا يمكن الاستغناء عنها , لا تصدق من يصادقك بالكلام , هذه حياتك لا تدعها مجرد حائط على الفيسبوك !
هيثم أبازيد