اكمالاً لمحاولتنا فهم كيف تحدث المجازر و التي كنّا قد بدأناها في مقالة سابقة – تستطيع أن تجدها على الرابط التالي .
سنستمر في شرح الدراسة المميزة للباحث ستانلي ملغرام، حيث سنقيّم تأثير المتغيرات العديدة التي يمكن إدخالها على الظروف المحيطة بالتجربة على النتائج الأساسية المستخلصة من الدراسة .
لقد أُعيدت تجربة ملغرام عدة مرات (في الحقيقة أعادها 18 مرة) مع إحداث تغيير في المتغيرات المحيطة بحالة التجربة لمعرفة درجة تأثيرها على الطاعة.
|
|
|
تأثير المكان
|
المسؤولية الشخصية
|
- أعطيت الأوامر في موقع هام (جامعة يال)-وعندما
أجريت في مكتب متهالك في المدينة انخفضت
نسبة الطاعة
- ذلك يقترح أن مقام المكان يزيد الطاعة
|
- يوجد تناسب عكسي بين المسؤولية الشخصية و درجة الطاعة
- عندما أمر المشاركون مساعدين لهم بالضغط على الأزرار، 95% (مقارنة مع 65% في الدراسة الأساسية ) أوصلوا الصدمات إلى الحد الأقصى 450 فولت
- إن هذا يبرهن على نظرية الدولة الوكيلة
|
شرعية ممثل السلطة
|
حالة الشخصية الممثلة للسلطة
|
- يجنح الناس لطاعة أشخاص آخرين إذا
اعترفوا بسلطتهم كذات بعد أخلاقي صادق و/أو
تستند للقانون
- إن الاستجابة للسلطة الشرعية يُتعلم في
في العديد من المواقع، كالبيت و المدرسة و
مكان العمل مثلاً
|
- إن الباحث في التجربة قد ارتدى الرداء الأبيض ( إشارة لخبرات الباحث العلمي) و الذي أعطاه منزلة أعلى
- و لكن عندما ارتدى الباحث اللباس الذي يرتدي الشخص العادي يومياً تدنت نسبة الطاعة جداً
- إن الزي الموحد الذي يرتديه ممثل السلطة قد يضفي عليهم ارتفاعاً في المقام
|
دعم النظراء
|
درجة قرب ممثل السلطة
|
- إذا حصل الشخص على الدعم الاجتماعي فاحتمال الطاعة أقل
- كما أن حضور أشخاص آخرين يُشاهدون وهم يعصون ممثل السلطة يُنقص درجة الطاعة. و هذا حصل خلال التجربة عندما وُجد شخص يُمثل ” نموذجاً للعصيان”
- من الأسهل مقاومة الأوامر من ممثلي السلطة إذا لم يكونوا في الجوار، فعندما وجّه الباحث و حثّ الشخص من غرفة أخرى باستعمال الهاتف انخفضت الطاعة إلى 20.5%
- عنما يكون ممثل السلطة قريباً فالطاعة ستكون أكثر احتمالاً
|
- من الأسهل مقاومة الأوامر من ممثلي السلطة إذا لم يكونوا في الجوار، فعندما وجّه الباحث و حثّ الشخص من غرفة أخرى باستعمال الهاتف انخفضت الطاعة إلى 20.5%
- عنما يكون ممثل السلطة قريباً فالطاعة ستكون أكثر احتمالاً
|
إذاً ما الفائدة مما سبق بالنسبة للوضع السوري ؟؟
سنقوم ببساطة بتطبيق المعطيات السابقة على الوضع السوري
|
|
تأثير المكان
|
المسؤولية الشخصية
|
- عندما تصدر الأوامر داخل الوحدات العسكرية تكون احتمالية الطاعة أعلى منها في الميدان أو الشارع
- فتكثر الانشقاقات خارج القطع العسكرية و على الحواجز
|
- إن المنفذين للأوامر بالمجازر يعتقدون أنهم غير مسئولين شخصياً فقد يكونوا قبل المجازر أناس عاديين يتمتعون كأي فرد بدرجة أساسية من الأخلاق التي تمنعهم من إيذاء الآخرين
- إن الأوامر من السلطات العليا تصدر بتخويل الجهات التنفيذية المتوسطة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لإعادة استتباب الأمن فيعتقد المنفذون على الأرض أنهم لا يتحملون أي مسئولية
- إنهم يعتقدون أن النظام ككل هو الذي يتحمل كامل المسئولية في حين تزول تماماً أي مسئولية جرميه عن عاتقهم( و هذا موجود بنص قانوني يعفي أفراد الأمن من تحمل مسؤولية أي جريمة يرتكبونها )
|
شرعية ممثل السلطة
|
حالة الشخصية الممثلة للسلطة
|
- السلطة السورية تحاول الاستناد إلى أساس قانوني ( الانتخابات) و تحاول إضفاء صبغة أخلاقية عبر تبني خطاب الممانعة و التصدي للعدو الإسرائيلي
- تسيطر السلطة بشكل كامل على كافة المواقع التي يتم تعليم الطاعة عبرها ابتداءً من المنزل إلى المدرسة إلى مكان العمل و دور العبادة الخ…..
|
- إن النجوم و النسور التي تتواجد على أكتاف الضباط تضفي عليهم ارتفاعاً في المقام و الذي يعطيهم منزلة أعلى
|
دعم النظراء
|
درجة قرب ممثل السلطة
|
- إذا حصل الشخص على الدعم الاجتماعي فاحتمال الطاعة أقل و هذا ظاهر بشدة في المناطق الثائرة حيث يحصل الجيش الحر على حاضنة شعبية
- كما أن حضور أشخاص آخرين يُشاهدون وهم يعصون ممثل السلطة يُنقص درجة الطاعة. و هذا حصل خلال التجربة عندما وُجد شخص يُمثل ” نموذجاً للعصيان” و هذا تماماً ما حصل في المناطق الأشد التهاباً
|
- إن وجود كافة ممثلي السلطة في دمشق جعلهم قريبين جداً من مواقع السيطرة و القرار و استدعى هذه الصعوبة الشديدة للحركة في دمشق خصوصاً
- كما أن ابتعادهم عن الأطراف كدرعا و ادلب و دير الزور جعل منها المناطق الأسهل لإعلان العصيان و قد فسرت السلطات السورية ذلك بالقرب من الحدود مما نتج عنه تهريب للسلاح و الإرهابيين
|
بالطبع إن الاتكاء على نتائج هذه الدراسة لتفسير المجازر التي تحصل في سوريا ((أو أي مكان آخر)) هو من السذاجة بمكان بحيث يمنعنا عن ادعائه، و لكن ما تطرحه هذه الدراسة هو شكل من أشكال الاستئناس لتحويل السلوك الذي قد يبدو غير مقيس إلى شكل قابل للقياس و من ثم تحويله إلى وسيلة نستطيع من خلالها البدء بوضع آليات تنظم تفكيرنا و عملنا و مقاربتنا لفهم كيف تحصل هذه الأحداث المرّوعة.
بالنسبة إلى سوريا فالاعتماد فقط على نظام الطاعة لتفسير المجازر المتتالية هو فقط استسهال ما هو صعب الفهم و تبسيط ما هو معقد و مركب و هذا يحتاج لتحليل مطول سنقوم به لاحقاً بعون الله.
بوركتم وطبتم عسى أن يجعلكم الله من الصالحين و يورثكم الأرض انه عزيز حكيم
__________________________________
A.ALH