بين ليلة وضحاها كان الشعب السوري “شبعان ومتخوم” وفجأة ظهرت العقوبات الاقتصادية وبدأ الجميع(معارضة وموالاة وحتى الحياد يالي مادخلهم) بالصراخ والتهويل والتنديد والتهديد “هذه العقوبات هدفها تجويع الشعب السوري” “طز بالجامعة العربية الغبية يالي فكرة حالها عم تساعد الشعب ” “موتت الشعب السوري من الجوع” … لدرجة أن وزير خارجيتنا ظهر على التلفزيون بمؤتمر صحفي ليقول بأنه سيقاتل مع الشعب الجوعان وسيقطع عنكم الخرفان (ألليس من المفترض أن تعقد السيدة بثينة شعبان المؤتمر الصحفي على الأقل متعودين عليها بتكذب وتحكي حكي فاضي).
عزيزي المواطن بحسب الإحصائيات (إحصائيات حكومة عطري) يوجد أكثر من مليونا مواطن تحت خط الصفر (يعني معدومين ميتين من الجوع) ونسبة البطالة تقريبا 70% (نص البلد عاطلة عن العمل) كما تصدرت سوريتنا الحبيبة قائمة الدول الأكثر فسادا وفقا لمنظمة الشفافية الدولية. تفوق عليها على الصعيد العالمي(إيران، ليبيا، اليمن، الصومال، أفغانستان، هايتي، الكاميرون، ساحل العاج و الباراجواي). فيما يلي سأعود بتاريخ المواطن السوري إلى الوراء قليلا من خلال مقتطفات من مقالات الاستاذ “ياسين الحاج صالح” والتي جمعها في كتاب “سورية من الظل”:
– مقتطف من مقالة نشرت في 7- 7- 2003 تحت عنوان طبائع العمران وصتاعة الواقع في الدولة الحزبية: “أما عن الواقع والاقعية فقد يفيد أن نحيل إلى نص محاضرة قيمة كان ألقاها د.نبيل سكر في عمان ونشرتها جريدة “السفير” البيروتية في 14 و16 حزيران الماضي. ماذا نجد؟ يبلغ الدخل السنوي للفرد السوري اليوم أقل من ربع دخل اللبناني، وقرابة ثلثي دخل المصري وأكثر بقليل من نصف دخل الأردني ولا يرتفع إلا على دخل السوداني والموريتاني واليمني من بين العرب. هذا واقع. وقبل ثلاثة عقود كان دخل الفرد السوري أدنى فقط من دخل مواطني دول النفط واللبنانيين. هذا أيضا واقع. وهذا الواقع ليس قدراً بل نتيجة خيارات سيسية اعتمدتها النخبة الحاكمة المدللة التي وصفها رياض سيف في جلسة الحكم عليه قبل 15 شهراً من اليوم بأنها أكثر نخبة محظوظة في العالم: متحررة من رقابة الرأي العام، وتعمل دون برلمان منتخب انتخاباً حراً ودون صحافة حرة ودون مجتمع مدني مستقل ودون حياة سياسية حرة. ولهذه الخيارات الحرة الفضل في وجود مابين 80 و120 مليار دولار من اموال السوريين خارج البلاد حسب وزير الاقتصاد السوري بالذات”
– مقتطفات من مقالة نشرت في 7-3- 2004 تحت عنوان في السنة الحادية والأربعين فصل حزب البعث عن الدولة ضمانة له ولسوريا: “ليس الاستقرار شيئاً لا قيمة له له بالطبع، لكنه مختلف عن الحرية من حيث المبدأ وقد كان عملياً ضدها. فالاستقرار الذي خبرته سورية خلال مرحلة مابعد 1970 هو استقرار جهازي وليس مؤسسسيا” “بل إن سورية في الواقع شهدت ثلاثة أو أربعة انقلابات اجتماعية وسياسية خطيرة أثناء عهد استقرارها ذاك. وهي انقلابات تفوق في أكلافها وآثارها أية انقلابات عسكرية كانت شهدتها البلاد في عقدي الخمسينات والستينات. وقع الانقلاب الأول في أواسط السبعينات في إطار تدفق المال النفطي التالي لحرب تشرين وما أتاحه من تمويل سياسة القوة محليا وإقليميا . المؤشر الهم على هذا الانقلاب هو ارتفاع عدد المليونيرات في سورية من 55 عام 1963 إلى 2500 عام 1976 حسب باتريك سيل الذي يضع هذا الارتفاع في سياق تداخل الحكومة والتجارة بعد حرب تشرين 1973. وهو ما يفترض ان لجنة التحقيق في الكسب غير المشروع تشكلت في صيف 1977 لمعالجته ولكنها تراجعت حين وجدت نفسها مشتبكة مع شخصيان مقربة من النظام حسب الكاتب البريطاني نفسه.” “الانقلاب الثاني وقع في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات…” “الانقلاب الثالث وقع في النصف الثاني من الثمانينات حين انخفض سعر صرف الليرة السورية خلال أسابيع أربع مرات وتدهورت مستويات معيشة السوريين بفعل تضخم انفجاري، واوشكت البلاد على الإفلاس. ووقتها أعلنت مايمكن تسميتها أحكام عرفية اقتصادية. وبالنتيجة تعزز الطابع الأوامري للاقتصاد السوري من جهة ودخلت شرائح واسعة من الطبقة الوسطى ضمن دائرة الفقر من جهة أخرى. وخطا ميزان القوى بين السلطة والمجتمع خطوة إضافية خارج الاعتدال”.
بعد هذا الحديث (الممل) نوعاً ما والمعروف لدى البعض نعود لسورية اليوم كم شخص فهم ماتعنيه العقوبات الاقتصادية وأضرارها على الشعب وليس ماشرحه الإعلام الرسمي والغير رسمي ولن أتطرق بالحديث عن عواقب أي بند من العقوبات وأضرارها سأضع حديث دار بين مجموعة من الأشخاص من الطبقة المتوسطة (يمكن كانت متوسطة قبل 8 شهور). أبو أحمد(صاحب محل) وعبد الصمد(أستاذ) وفتاة من المنطقة الشرقية وأنا:
أبو أحمد: شو فهمتو من العقوبات الاقتصادية يسألني وعبد الصمد: باعتباركم مثقفين شو بتعني؟
أنا: قرأت القائمة وبعد الانتهاء رجع سألني شو بتعني ؟ أنا رديت يعني ماعاد فيك تطلع سيران على مصر ودبي وغيرو كل جمعة بدك أضل بسورية.. ضحكنا كلنا رد أبو أحمد أنا من عشر سنيين عم صمد لأطلع على اللاذقية وماقدرت لهلئ أخد الولاد ولا مرة على بحر سورية مو مصر فمنيحة هي خلي الغنياء ينضبوا شوي بالبيت … وشو كمان ردت فتاة من المنطقة الشرقية: أي ماعاد فيك تاكل من أكلات غير بلدان خلص بدك تعود حالك ومعدتك على المنتجات الوطنية … رد عبد الصمد : ليش مين فينا عندو القدرة يشتري شي غير الوطني ولك حتى الثياب الوطنية مابنقدر نشتريها مو بس من هالسنة من زمان كثير غالية وجودتها يادوب ماشي الحال. أنا رديت بس أصعب عقوبة علينا هي تبع المصرف المركزي والمصرف التجاري لازم نلحق أنطلع مصارينا برا البلد يالله أبو أحمد قديش معك بالبنك … أبو أحمد: والله هي هالكم جرة غاز يالي موجودين برا ناطرين رحمة الله علينا لحتى نبدلهن بمليانة وعلى الأقل نلاقي شي ندفى فيه أحسن مو لافين حالنا ببطانية طول اليوم… والفتاة من المنطقة الشرقية : وبعدين الرقة والحسكة والدير يالي مابتنباع عندهن جبنة “لافاشكيري وأبو الولد” ولا بحياتهن شافو أي منتج مو جزرواوي (يعني من الجزيرة) شو استفادو بالله … رد عبد الصمد ولا شي نحنا الفقراء رح نضل فقراء وجوعانيين ومارح يتغير علينا شي غير هالراتب يالي كل شهر بيقصوا منو شوي بحجة دعم المصرف ليش الأغنياء مايدعموا …رد أبو أحمد: والله صرلي من زمان السوق واقف ومابقدر اشتري غير خبز وشوية لبن ومصاري مافي وأحيانا الله يرزقوا بياع الفطاير بيغدينا فطاير ببلاش لأنو مامعنا ندفع وأحيانا بندفى عند الفرن والولاد عايشين على الله….
بالنهاية عزيزي القارئ شكرً لمنحي القليل من الوقت لقراءة كلامي وأتمنى أن تكون رسالتي قد وصلت. الشعب السوري من زمان جوعان وفقير وبردان ومازوت من ايام الدردري مافي ومن عشر سنيين الناس عايشة على صوبيا الحطب مو من اليوم وفي ناس بهالقرن مامعها تشتري الأكل على الرغم من أنها بتشتغل … والمنتجات الوطنية غالية ومن زمان …فتح عيونك شوي بتشوف غيرك من السوريين كيف كانوا عايشين … والفقير مارح يزيد فقروا والغني خليه يحس بجاره الجوعان ولو مرة بهالعمر سواء كان مؤيد ولا معارض .
———————-
تائهة من سورية
3 تعليقات
انا اوافقك الرأي ولكن بالله عليكم هل تتم معاقبة النظام عمدنا يمنع المغترب من زيارة والديه مثلا في سوريا؟ المشكلة أننا لا نقدر بالفعل أبعاد المسألة، قالوا أنهم سيستثنون تحويلات المغتربين لذويهم من العقوبات ولكن كيف؟ حكما سيدخل الموضوع في إجراءات طويلة ومعقدة وإثباتات بلا نهاية وقد يكون أهالي النغتربين اليوم أحوج ما يكون للتحويلات.
ليس في الأمر بطولة أو مزايدة ولكننا نبحث عن العقلانية، طوال العقود الماضية لم تقم الجامعة العربية بهذا التسارع في التصعيد إلا في الحالة السورية، حيث لم يتم هذا مثلا مع إسرائيل التي لها سفارتان والعديد من المكاتب التمثيلية التجارية في أكثر من بلد عربي ولم يتم المساس بها. ناهيك عن التجاهل التام للمسألة اليمنية والبحرينية.
من يبحث عن العدالة عليه أن يطبقها على نفسه أولا. شكرا والخلاف لا يفسد للود قضية.
في البداية بالحديث عن سفارات اسرئيل للأسف هي مصالح دول ما ألها علاقة لا بالعروبة ولا بشي أما عن التصعيد بالجامعة العربية ضد سورية بسرعة وماعملوا شي ضد اسرائيل … نحنا كمان ماعملنا شي ضد اسرئيل وقت قصفت مواقع عنا أما عن العقوبات فعزيزي القتلى من السوريين تجاوز العدد على أي مجزرة ارتكبتها اسرائيل يعني نحنا منقول مجزرة غزة والشهداء لم يتجاوزوا 1500 فشو عتب على 4000 وطبعا مع الشهداء من الجيش والأمن بيتجاوز العدد 6000 فشو اسمها هي ؟؟؟ ومابتقدر تقارن سورية باليمن والبحرين فلم تتم أي مجزرة بهذا العدد من الشهداء
أما عن المغتربين فما بقدر قول غير الله يساعد الجميع والناس يالي بالداخل السوري حتما وضعهم أسوأ بكثير من حال أي مغترب بالخارج وعن حاجة اهل المغترب للتحويلات أنا من عائلتي شهيد ومستعدة اعيش جوعانة كل حياتي ليرجع على الدنيا!
الوضع الاقتصادي اكيد كان سيئ ولكن ليس لهالدرجة من المبالغة بصراحة . يعني كان الوضع مقبول والاساسيات متوفرة ولكن لاتوجد رفاهية طبعا عند الشريحة الاكبر من المواطنين ولكن العقوبات حقنا نتخوف منها لانو اللي بدو يسقط نظام بدو يحسب حسابو واللي شايفو من اول االحداث اكتر من نصف الشركات الخاصة فلست والعمال انخفضت اجورهم ومافي شغل عنا الشعب بيستحمل كم شهر بس بالاخير بدنا نعيش خصوصي ماعد عم يعطونا فيز والسفر صعب التنظير سهل ياجماعة