مصطفى أبازيد
——————
انزرعت منذ زمن بعيد في ثقافة المجتمع كلمة ” القائد و الزعيم و المخلّص المنتظر ” و يظهر هنا ارتباط واضح بين هذه الكلمات و بين الجهل و الفقر و التخلّف، لن احاول الاجابة عن سؤال من ينتج الآخر، الجهل ينتج القادة، ام القادة ينتجون الجهل، فهذا سؤال اشبه بالبيضة و الدجاجة، كل ما استطيع قوله ان القائد يسعى لزيادة الجهل ليثبت عرشه و يحاول على عدد سنين حكمه انشاء اعداء وهميين يحمي الناس من شرورهم وفتن نائمة يحرس نومتها بفضل حنكته . فهو الحكيم المتفرّد المفكر الأوحد و يعلم ماذا يفعل و كيف يدير البلد ليبقى لنا الأمان هديّة مغلفة بالتمنن نردها بالوفاء و الولاء .
كنت طفلاً حين سمعت المثل القائل ” الي ما الو كبير يشتريلو كبير ” و ما زال السؤال المزعج نفسه يراودني . لماذا نريد كبيراً ؟؟
عبر الأزمان أتى الكبار و ذهب الكبار و كلهم كانوا كالبطيخة ننتظر ان نرى لونها بالصلاة و الدعاء ان تكون حمراء لأننا لا حول لنا ولا قوة فهذا الكبير و الوطن يحتاجه .
اتذكر جيداً منذ سنوات عندما قرر كبير اليمن علي عبد الله صالح عدم ترشيح نفسه فخرجت جموع اليمنيين الى الشوارع ترجوه بأن لا يفعل و كلمات احدهم ما زالت رنانة في ذاكرتي يقول : كيف سيتركنا فخامة الرئيس على مفترق طرق ؟
المنعطف التاريخي و مفترق الطرق، و الدول الطامعة و الحرب الاهلية كلمات تم حقنها في ادمغة الشعوب طوال العقود الماضية و وحده الكبير يملك مفاتيح حلها .
اليوم وقد ضاق العالم و كبرت مساحة احلامنا بوطن نحكمه، و قناع الحاكم يتهاوى، و اكاذيبه تنفضح، لم نعد نحتاج كبيراً، نريد خادماً لنا، مؤتمناً على احلامنا، نحاسب تقصيره، و لا نشكره على واجباته، الأهمية لمنصبه لا لشخصه، يؤدي ما عليه من امانة و يذهب مشكوراً، لنبقى نحن السادة و القادة ، لا نريد ان يكون لنا كبير ولا ان نشتري كبير و لندير جميعنا عربة الوطن على مفترقات الطرق و نتجنب منعطفات التاريخ و مطبّات الفتن و المؤامرات بإرادتنا و درايتنا .. وداعاً يا زمن البطيخة …