بالطبع الأقلام الليبية هي الأجدر بأن تكتب عن ليبيا ولكننا شربنا وأكلنا في عواصم تنبض قلوبنا من خلال إعتبارها جزءً من هذا الوطن العربي العظيم بشعوبه المعطاءة فدعونا نلقي الضوء على ماحدث في ليبيا و ثورتها الميمونة.
ليبا بلد عربي غني بالثروات النفطية و الثقافة القبلية و كان لليبيا دور عظيم في محاربة الإستعمار ليخلد إسم البطل العربي الشهيد عمر المختار ولا تكفي مقالات وكتب للحديث عن هذا البلد العظيم بأهله و تاريخه ولكننا نتحدث اليوم عن ثورته و مستقبله.
أسباب الثورة: قد تكون الأسباب كثيرة و لا يسعنا الخوض في كل التفاصيل و لكن أهمها كان الآتي:
- الربيع العربي اللذي إنطلق من تونس ثم في مصر ليكون الليبين أمام الثورة ايضا او التحضير لزعامة سيف الإسلام القذافي مستقبلا و بالطبع إختاروا الخيار الأول, على الاقل من أجل أطفالهم.
- يعتبر معمر القذافي من الأشخاص العسكريين الغير مثقفين و هذا ما دفعه لمحاربة هذه العقدة من خلال اختلاق الحكم و الاقوال و الصفات الشخصية مرورا بالكتاب الاخضر اللذي لا يعلم إلا الله ما يحتويه ليتحول بالنهاية إلى شخص مصاب بجنون العظمة و خطاباته أكبر دليل على شخصيته الفريدة من نوعها.
- ضعف ليبيا من حيث التعليم و البنية التحتية و النواحية الخدمية كالتعليم و الصحة و غيره رغم توفر كل المقومات المالية و الخبرات الوطنية و العربية المستقدمة.
- إعتبار القذافي ليبيا مزرعة خاصة به وتقسيم الاعمال في ليبيا بين أولاده الثمانية.
- مجزرة سجن بوسليم 29 يونيو 1996 اسفرت عن 1200 معتقل بأمر مباشر من القذافي.
- وكانت الشرارة اعتقال المحامي المسؤول عن متابعه قضايا المجزرة سابقة الذكر لتبدأ الثورة الليبية في 17 فبراير 2011.
بداية الثورة: طبعا بدأت الثورة بتظاهر سلمي واضح رافقه قمع دموي ليتبعه إنشقاقات واسعة في صفوف افراد الجيش و بعض ضباطه و من ثم السياسيين و الدبلوماسيين وفي حين حاول القذافي اتهام المتظاهرين بانهم تابعين للقاعدة و متعاطين للمخدرات ليبدأ القصف الجوي مما دفع الشعب للإحتكام إلى السلاح وخاصة بعد إقدام القذافي على إستقدام مرتزقه أفارقة لقمع الشعب الأعزل.
الدور الخارجي: ليس خفيا على أحد ان القذافي لم يكن فعليا صديق لأحد من دول الخليج و الدول الغربية جميعا حتى أنه قام بتمويل جميع الحركات المسلحة في الغرب و الشرق أملا في امساك أوراق اقليمية لكن باسلوب إرهابي، وجاء طلب الجامعة العربية من مجلس الأمن بفرض الحظر الجوي ليكون ذريعه واضحه لحلف الناتو بدعم الثورة المسلحة في القضاء على حكم القذافي، هل الناتو يعمل مجانا؟ طبعا لا و لايوجد أي دولة في العالم قد تحولت إلى جمعية خيرية و لكن المسالة ان الدعم هو صفقة و مصالح بحيث تدعم الدول الغربية من خلال الناتو الثوار و تحصل بالمقابل على مشاريع وامتيازات تجارية و مالية في ليبيا المستقبل كشركات تنقيب عن النفط و شركات اتصالات و بنوك إلخ… هل هذا الامر سيئ؟ طبعا لا فما يحكم علاقات الدول هو المصالح فقط ولا شيئ آخر طالما لن يكون الوجود الغربي في ليبيا اكثر من وجود الشركات و المصانع الأجنبية اللتي قد تساعد أيضا في تقديم فرص عمل للشباب الليبي و دعم البنية التحتية و الخدمية في ليبيا و هذا ما أكده الجميع باعتبار الرفض المستمر من الطرف الليبي و الغربي للوجود العسكري الغربي براً.
هل نجحت الثورة الليبية: إن إطالة أمد الثورة من اهم عوامل نجاح الثورة ولهذا فإن الثورة الليبية كانت من انجح الثورات في الربيع العربي لأنها قدمت:
- مجلس إنتقالي ناضج سياسيا و حصل على إعترافات دولية بشكل متدرج ليشمل التمثيل الدبلوماسي و العلاقات الدولية المتميزة.
- خبرة عسكرية من خلال التنسيق بين الثوار و الجيش المنشق و حلف الناتو.
- القضاء على القذافي و فلوله و كتائبه نهائيا بحيث لا يتواجد مرتزقة مستقبلا.
- تأسيس جيش ليبي جديد ولاءه للوطن و ليس للزعيم او القائد او اي انسان اخر و انما لوطن مبني على اساس الحرية و الديمقراطية.
- انهاء التعصبات و الانتماءات القبلية و لو بشكل جزئي حيث ان الجو الثوري يدفع الناس للإيمان بعقائد الوطن و الحرية و الإنتماء الوطني بدلا من القبلي وهذا ما لوحظ من إختفاء الزعامات القبيلة في المجلس الانتقالي.
- الحاجة لبناء دولة جديدة و قوية بكامل مؤسساتها و بالتالي فعليا سقط النظام القائم سابقا بكامله من حيث الدستور و المؤسسات و القطاعات و بالتالية كتابه مستقبل جديد بأيدي أبناء الوطن و بدماء شهداءه.
لا أحد يعلم ماذا نرى غدا و لكننا نتمنى للشعب الليبي العظيم أن تتم فرحته بوضع القذافي و أولاده خلف القضبان و بمحاكمتهم محاكمة عادلة بعيداً عن الانتقام و الثأر و نقول لهم بوركت أياديكم و قلوبكم آملا أن لا ارى اللون الاخضر في قناة التلفزيون الليبي مرة أخرى و أن لا اسمع احدا يقول الله .. ليبيا… معمر و بس.. بل الله ليبيا و بس.
————————–
د. عبد الرحمن الدمشقي
مدير المركز الإستشاري السوري