خمسون عاماً من القمع والرعب والقبضة الامنية الحديدية وتأليه الذات الحاكمة جعلت المعارضة السورية عاجزة عن مواكبة الحراك الشعبي في الأزقة والساحات الذي يتطور بخطوات ثابتة ممهورة بالدم والصبر والتصميم والإصرار.
خمسون عاماً تجعلني أبرر ضعف هذه المعارضة وتشتتها على مختلف انتماءاتها وأفكارها وأتفهم أخطاء الأحرار على أرض الثورة فهم براعم حديثة لا تزال تتلمس الطريق الصحيح في دهاليز السياسة المعقدة ولكن لا يمكنني أن أبرر مطلقاً ردات الفعل التي صدرت عقب الإعلان عن توقيع الدكتور برهان غليون اتفاق تفاهم مع السيد هيثم مناع بهدف توحيد رؤى المعارضة.
ترامت هذه الردود إلى سمعي وكأنها غيمة سوداء كالحة حملتها ريح عاتية في يوم ربيعي لطيف هزت مشاعري وأوقدت الرعب في قلبي وأمطرت فوق رأسي اليأس والإحباط ووجدتني أشفق على هذه المعارضة التي لم تستطع حتى الآن التخلص من عقلية النظام السوري في العمل الجماعي المبني على الشك وانعدام الثقة فضلا عن تربص كل فرد بالآخر.
ما إن أعلن عن هذا الاتفاق حتى بدأت الاصوات تتعالى هنا وهناك تشكك بشخص الدكتور برهان – وهو الذي كان بالأمس القريب الشخص الوحيد محل الإجماع بين مختلف أطياف المعارضة بمن فيهم الثوار على الأرض – وتطالب بالمحاسبة وتهدد بتجميد عضويتها في المجلس الوطني ربما هذه مطالب مشروعة وربما أخطأ الدكتور برهان بالتوقيع على هذا الاتفاق ولكن ما يدمي القلب أن هذا كله جرى علناً وجهاراً عبر وسائل الإعلام وكأنه غاب عن ذهن الجميع أن الدكتور برهان جزء منهم ويمكنهم التواصل معه مباشرة لتوضيح الامور ومعالجتها بروية وهدوء.
خمسون عاماً كانت كفيلة بتقييدنا بالتفكير النمطي المبني على الأنانية والشك والجمود الذي أراده لنا الحاكم المطلق. وحده الدكتور برهان استطاع كسر هذا القيد من خلال رده المتوازن الذي استوعب الجميع والتمس العذر لهم بل ذهب بعيداً حين اعتبر أن ما جرى ظاهرة صحية تثري الفكر والعمل السياسي لدى المعارضة موضحاً حقيقة ما تم الاتفاق عليه لينجح بذلك في حماية المجلس الوطني من التفتت والانقسام.
علمتني الحياة ان لا مشكلة في ارتكاب الأخطاء ولكن علينا ان نتعلم منها وأن نجتهد في عدم الوقوع بها مرة أخرى.
———————–
حالم بغد أفضل