مانيا الخطيب
وهي تتابع الثورة السورية تنظيف العفن المتراكم ليس في ميراث الاستبداد والفساد وحسب بل وتنظيف المكون النفسي السوري من العفن المتراكم فيه منذ أن أعملت تربية المحسوبيات والاقصاء والرشوة عملها المريع فيه.
قد تكون هذه من أثمن الفرص التاريخية التي تمر على هذا البلد المنكوب بكل أنواع النكبة، لإعادة تكوين الانسان السوري من جديد.
الانسان الذين يؤمن أول ما يؤمن بضرورة التعلم والمعرفة والتدريب، والتخصص، وقبلها أن يخلص من هذا الميراث السميك من الأنانية والتفرد وورم الذات المرضي.
يكاد يكون من شبه المستحيل أن تظهر أي طاقة بشرية سورية، تسعى للعمل الدؤوب والجاد والبناء، سواء كانت هذه الطاقة مهنية، فنية، وحتى علمية، سواء في داخل سوريا أو خارجها لم أو لن تتعرض إلى وابل من كل أنواع التشويه والهجوم والشخصنة.
لدى السوريين جوع دفين وعتيق لاطلاق ذواتهم التي كانت مسحوقة تحت ماكينة الديكتاتورية والفساد، ليس هذا وحسب بل هم قد أُجبروا وسكتوا حتى على إذلالهم ودفعهم حتى إلى الإذعان بأن الرشوة شطارة، والمحسوبيات نفوذ.
لهذا فقد كشفت هذه الثورة المجيدة المباركة عن فضيحة المكون النفسي السوري الذي يتطهر ويتعمد ويتقوم بنار الثورة المقدس.
فمباشرة بعد تصدع وتآكل نظام الأسد الذي بناه منذ أواسط الستينيات بالحديد والنار وبكل أنواغ الغدر، على أيدي أبطال الثورة من المدنيين العاديين من الشعب السوري، في ثورة عارمة أفقية وعامودية أطاحت مرة واحدة وأبدية بامكانية قبول هذا الشعب بهذا النوع من الحكم والتسلط .. مباشرة بعد هذا التصدع ظهرت طبقة جديدة من تجار الأزمات، ومسعوري المناصب الوهمية، لتحاول ركوب الثورة التي لاتزال مستمرة على نقائها وعذريتها في كل ضاحية صغيرة أو كبيرة في أنحاء الأض السورية المباركة.
ولهذا فإن ما نشهده اليوم هي ثورة شعبية سورية عارمة وجذرية مستمرة منذ أكثر من سنتين، وثورة في داخلها على كل ما من شأنه أن يشوهها أو يضربها في الصميم، ومثال عليها من أعلن التصريحات الغبية بولائه للقاعدة !
هي ثورة مركبة إذاً، تستعمل في تزايدها مبدأ المتوالية الهندسية، لتتغلغل في كل مفصل في مفاصل سورية التي تسير هي وشعبها العريق المنتشر في أنحاء المعمورة، على خطا حاسمة ونهائية رغم كل فجائعية الحاضر ورعبه، إلى مستقبل يسود فيه المكون النفسي السوري الجديد، المتعاون، المتواضع، والأكثر ثقة، والذي تعمد بمئات الآلاف من دماء الشهداء المقدسة التي تعيد صياغة التاريخ.
مانيا الخطيب