في ريف حلب حيث تلك القرية المحاطة بالحواجز العسكرية لا تسجل قضايا الموت والقتل ضد مجهول، ولا ترمى سندات الادعاء في سجلات النسيان لعنكبوت الزمن؛ فسكان تلك المنطقة يعرفون غريمهم، ويعرفون عنوان منزله ومن هم أفراد أسرته…
في تلك البلدة الحلبية دوماً ينسب التخطيط والتنفيذ لأي عملية اختطاف للمدعو “ج ح ق”، وعمليات إراقة الدماء ثم التمثيل بالجثث لضابط تلك النقطة العسكرية الأكبر، والتي تغلق إحدى مداخل المدينة!
في تلك البقعة الجغرافية صدف أن يكون منزل المدعو “ج ح ق” بالقرب من نقطة عسكرية وضعها النظام مع بداية الثورة في أحد منافذ المدينة؛ فكانت جيرة نجم عنها اتفاقية تمتع بموجبها “ج ح ق” بالسيادة الاسمية على شرفه وزوجته، وبالشراكة الحقيقية مع الضابط في كل عمليات الإجرام بحق المدنيين في تلك المنطقة!
المدعو “ج ح ق” اعتزل مهنته مع بداية الثورة وبدأ التشبيح كحرفة جديدة؛ حيث تمرس على خطف أي شخص يطلبه النظام، ثم يسلمه للجيش بعد أن يكون حصل من أهله على مبلغ من المال على أمل أن يعيده إليهم! وهكذا تكون الخسارة مضاعفة لأي أسرة يُختطف ولدها!
الأمر تطور بالمدعو “ج ح ق” أو أن خدماته لم تعد كافية لضابط تلك النقطة العسكرية؛ حيث تتالت اتفاقيات الذل غير المكتوبة بينهم؛ إذ بدأ بالتنازل عن مياه شرفه الإقليمية عندما جعل غرفة من منزله مأوى لذاك الضابط!… فباتت حكاية بيت تخفي أبوابه رجولة تتستر وراء عفة الزوجة، وتنطق أحجاره عن قصة رذيلة يمشي بأدوارها الزوج، ويدلل عليها في سوق الخسة العسكرية…
ضجت القرية بسيرة تلك العائلة!…وتنادى جمع من شبابها على غسل العار بإراقة دم ذاك المجرم؛ فباءت محاولتهم بالفشل؛ وعادت عليهم بالموت المعلب بالبراميل المتفجرة الملقاة من الجو؛ وذلك بعدما استخدمت تلك الزوجة دلالها عند الضابط، الذي بدوره استجلب الطيران لقمع هجوم العصابات المسلحة!…
أصبح الموت في تلك القرية طلعة جوية بعدما كان يلبس ثياب الاختطاف؛ وبات ثمن كل غارة على تلك القرية هو جلسة غرامية مع الزوجة “حلا”!… حيث تزهق نفس بشرية مع كل قطعة قماش أنثوية ترمى على سرير ضابط تلك النقطة العسكرية، وحيث الطائرات يلتهب الكورسين في محركاتها كلما اشتعل الموقف بالقبلات، وتكثر القبور كلما كشفت السيقان عن نواياها…
الموت في تلك القرية اُختصر بعبارة كان يرددها المدعو “ج ح ق” بأنه “قادر على جلب الطائرات في أي وقت يشاء للبلدة!”… وذلك أحد بنود اتفاقية الذل المشترك بين الرتبة والشهوة…
ما عاد الضابط بحاجة إلى أن يتجسس الناس على ما تقوله خطواته كلما اتجه إلى بيت المدعو “ج ح ق” بل الزوجة “حلا” تأتيه إلى حجره؛ حيث يجلس الزوج بعيداً متمترساً خلف ذله! يرقب الذئاب تدمي شرفه وعرضه، وأحياناً يشيح عينيه عن جغرافية الجريمة من واقع أن ما لا نراه لا نغضب له، وحتى يحلل نفسه من عناء عدم انتفاضه لخيانة زوجية يحضر أحداثها بنفسه…
يشرب سيكارته في وقت بدل الشرف الضائع، ثم يعود بزوجته إلى البيت مطمئناً منها على حال جيش لا يخفى عليه وعن وطن تم مقايضته بفرج يقطر الموت والدمار لسكان ذاك الريف…
في ذاك البيت التحفت الخطيئة بالدانتيل الوطني وتركت عيونها بارزة من قناع المقاومة؛ مفصحة عن شهوة تحت قوة إغراء الرتب العسكرية، وبحجة الواجب الوطني في مواجهة العصابات المسلحة…
الخطيئة إذا نخرت عائلة فإنها نخرت نظاماً قبلها، فلا نعرف كم هم الضباط أمثاله الذين أداروا الطلعات الجوية من على الفراش النسوية، ولا نعرف كم عدد الضباط الذين غادروا رتبهم العسكرية إلى ألقاب حيوانية؛ فذاك الضابط لم يسبق سيده الذي ترك لقب “الأسد” إلى لقب “البطة” وهو من قتل الناس إذلالاً أمام صوره، وهو من صدر للعالم بدعة البراميل المتفجرة، والفرق الوحيد أن فراش الأسد كانت البيئة الرقمية في حين ذاك الضابط لا زال يعربد قتلاً في تلك القرية الحلبية.
من ملفات هيئة أمن الثورة في حلب وريقها
محمد كناص