إن محتوى الوعي هو الواقع المطلق !
الجملة السابقة لم يقلها عالم في النفس أو الاجتماع, بل قالها النرويجي يوجين يوغنر الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء.
و هذا ما اختصره احدهم بان قوانين الحياة المجردة يجب العودة فيها لوعي الشخص.
غياث مطر هو خلاصة الوعي الجماعي لشعبٍ كامل, حيث كانت الأحلام و الانفصال عن الواقع هي الارضية المؤسسة للسلوك الذي عايشناه جميعاً عند بداية الثورة السورية.
لقد كانت الأفكار التي شكّلت الوعي و السلوك و بالتالي الواقع الجماعي, هي في الحقيقة أفكار مبتسرة عن أوهام تولدت في أذهان الكثيرين عن الثورة السلمية التي ستقلب النظام رأساً على عقب, فالدماء الزكية الطاهرة لمجموعة من المتظاهرين السلميين كفيلة بأن تدغدغ” الضمير” لدى القوى المحركة للنظام, أو أن هذه الدماء هي الوسيلة التي ستهز ” الرأي العام العالمي” و تجعله ينتفض لرفع كل هذا الظلم عن الشعب ” المتحضر” الذي يرفض العنف…
اليوم يعيش السوريون كابوساً مرعباً, ولكن هذا الكابوس هو الحقيقة والحقيقة كلما كانت أبشع كلما كانت حقيقية أكثر.
و أن تعيش الحقيقة البشعة خيرٌ لك من ان تقوقع عقلك في الوهم الجميل.
الحقيقة التي أثبتت الأيام صحتها أن الحرية ” وتعني في سوريا الحق بالحياة و الوجود ” لا يمكن أن يحصل عليها واهمُ أو ضعيف, فالحرية هي حقٌ مكتسب, كما أن الحياة نفسها هي حقٌ مكتسب و الطبيعة لا تحابي الضعفاء.
عقب مجزرة داريا ” الكبرى “منذ أقل من سنة, و بعد أن كانت داريا هي نجمة السلم السورية, تعلم شباب داريا مبادئ الحياة و الوجود, فكان الوعي الجديد بعد المكابرة التي استمرت طويلاً, لقد تعلموا أن البكاء لا يفيد و أن الاستغاثة بأيِ كان تضر و لا تنفع, تعلموا أن ما حك جلدك مثل ظفرك و أن الجرح لا يؤلم الا صاحبه, لقد رموا خلف ظهورهم سخافات البحث عن التعاطف الدولي و ترهات الرأي العام العالمي, لقد رمى شباب داريا الورود التي حملوها ليقدموها لقاتليهم و حملوا بدلاً عنها البندقية ليقدموا الرصاص لمن يحاول أن يؤذيهم.
اليوم في جديدة الفضل استعدنا ذكريات مجزرة داريا و التي لم ننسها بعد, و أغلب الظن أن نرى شباب النازحين مستقبلاً يقومون بما قام به شباب داريا و أعني تحويل مدينتهم إلى كابوسِ و لكن لكتائب الأسد.
الأخ غياث مطر, اسمح لي أن أقول أن ما قتلك ليس سكين الجلاد و انما وردتك التي حملتها لتقدمها له !!
الأخ غياث مطر اسمح لي أن أقول لك أن من ورث وردتك قد الصقها بسبطانة البندقية التي يحمي بها اليوم ابنتك من ان يصيبها ما أصابك, ندعو الله أن يحفظها من كل سوء.
a alh