عمر ديب زرزور
إن الثورات الشعبية فعل تغييري لايخضع إلى قوانين ولا إلى مناهج جاهزة تؤخذ بها الثورة، إنما هي فعل يقلب الواقع الذي كان سائداً قبل الثورة. وتظهر محرضات لولادة آليات وأفكار وقيم تخطها كل الثورة بدفترها يسميها فيما بعد الباحثين والمفكرين ورجال القانون والأدب والفن(فكر الثورة). هذا الفكر يختلف من ثورة إلى أخرى حسب الأسباب الموضوعية التي ساهمت بانطلاق الثورة.
عمر الثورة والفترة الزمنية لتنجز هذه الثورة أهدافها وتصل إلى شوطها النهائي في أعمالها قضية أخرى غير محددة وغير معروفة ولكل ثوره لها إرهاصاتها حسب الظروف التي تمر بها الثورة (إقليمية ودولية وداخلية) .
والتغيير الذي تسعى له الثورة هو تغيير( سياسي واقتصادي واجتماعي) .وهنالك الكثير من القوى القائمة تحاول أن تمانع الثورة لتأخر حركتها وتقوم بفعل مضاد (يسمى الثورة المضادة) وهذه الأفعال هي التي تحدد عمر الثورة ومقدار إنجازاتها. ومن مسارات الثورات أن تسارع بعض القوى (نوع من الدفاع عن النفس تلبس لبوث الثورة لتحافظ على وجودها).
هنا يحدث صراع بين هذه القوى وقوى الثورة لأن الثورة سوف تنهى مهامها ومن عقابيل هذه الحالة تطيل عمر الثورة ويسمي الباحثون هذه المرحلة ( الثورة تأكل أولادها) وهذا خطأ شائع بالتاريخ لأن الثورة لايمكن أن تأكل أولادها الذين ولدوا من مفاعيلها بل تقضي على القوى التي تلبس لبوث الثورة).
إن الثوره فعل عظيم لايمكن مقارنته بالعمليات الإصلاحية أو الهبات الشعبية لذلك لها ارتدات وهزات تعقب الثورة حتى يستقر الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع الذي يعيش حالة الثورة.
لذلك يتصدى لقيادة المرحلة بعد الثورة القوى السياسية الجاهزة تنظيميا قبل الثورة بتقدير منها أنها هي الأقدر ولديها الشغف للسلطة لكونها معارضة للنظام قبل الثوره وبدون أن تقوم بمراجعة برامجها وافكارها فتقع بالمحظور وتجد نفسها في تصادم دائم مع قوى الثورة الحقيقية وكأن الثورة قائمة. وتأخذ دور النظام البائد بالتبرير وتخسر جماهير الثورة ولا تستطيع الحكم ولا تستطيع الايفاء بأي التزام تقدمه للشعب .
الوصفة الناجعه للقوى المشاركة بالثورة والمولودة خلالها أن تعمل ائتلافا عريضا لكل الفعاليات يقوم هذا الائتلاف بإدارة المرحلة بعد الثورة حتى تستقر الحالة ويتفق خلال هذه المرحلة على صياغة العقد الاجتماعي الجديد وبذلك تتحمل كل القوى والفعاليات مسؤليتها ويشارك أبناء الوطن جميعهم في رسم مستقبلهم الذي ضحوا من أجله لتتحق اهداف الثورة.
وغير ذلك القابض على السلطة بعد الثورة كالقابض على جمرة من نار.