لا شكّ أننا جميعا قد غيّرتنا هذه الأحداث، زرعت في نفوسنا أشياء أخرى لم تكن موجودة من قبل، لربما زاد حبنا لوطن يجمعنا و نتمنى أن يكون الأفضل، ولمَ لا .. ونملك ما لا يملك الآخرون, رغم صدأ العقود الماضية.
لن أوجه كلامي لأي مؤيد، لا ولا لأي ثائر، سأوجه كلامي إلى قلوب عانت من شوائب الأحداث و باتت مرهقة بحب الوطن مثقلة بالقلق عليه.
إن أردنا الخير للوطن لا شك أنه علينا أن نعترف بذاتنا و بأخطائنا، ولا أريد أن أصمت كما ينصحني الآخرين أنّ الوقت ليس وقت النقد، و أن الكلام الناقد لذاتنا هو خاطئ.
عذراً أيها الأحبة، فصمتنا على ذاتنا سيقتلنا كما قتلنا صمت الآخرين على قتلنا.
إن أي شعب في هذا العالم ينتظر الثورات كي يجدد دماءه وحياته و أن بعد أي غبارٍ انتفاضة لامحالة.إن الثورات كالفرص لا تأتي في العمر إلا مرة لربما. فمجيء الفرصة لايعني اغتنامها والسير نحو الهدف لا يعني الوصول إليه.
إن أدوات النجاح كثيرة، من بينها الصدق مع الذات وعدم السكوت عن أي خطأ سيهدد مستقبلنا كما أننا لم نصمت على أي إجرام قتلنا و خطف أخواتنا و أحبائنا بحجة الأخطاء الفردية.
من كان يؤمن أن الثورة هي ثورة سياسية فقط هو واهم . فإن سقط هذا النظام سيأتي نظام آخر قد لا يختلف في ماهيته عن السابق ولو كان يرتدي أقنعة الثورة و الديموقراطية والحرية.
أغلب الحكام العرب جاؤوا بثورات سياسية (شعبية ) تحولت بفعل تخدير كلمة ( ثورة ) إلى ديكتاتوريات ظلمت نفسها قبل أن تظلم شعوبها.
إن أي ثورة يجب أن تبدأ بذات أفرادها قبل أن تبدأ بذات نظام دولتها. فالحرية هي أن تمارسها قبل أن تطلبها، هي أن تسمح بممارستها قبل أن تقتلع حقها بيديك.إنها الحق الوحيد الذي يؤخذ قبل أن يعلن.
لست بوارد الحديث عن الإجرام الذي مورس على الثائرين ولكن لا شكّ أن هناك العديد من الأخطاء التي ارتكبت في الثورة السورية و لأسباب عديدة تبدأ من فقدان أبوّة التوجيه والثقافة بفعل المعارضة المتشرذمة خلف نضالاتها الفردية الماضية ومصالحها الشخصية وصولا إلى تفاوت ثقافي كبير بين بعض أطياف المناطق الثائرة أدى إلى اختلاف وسائل التعبير و التغير ولربما الدفاع عن النفس. وصولا إلى جفاف خلفية الممارسة السياسية لشباب لم يكونوا يعرفون إلا أسماء أندية رياضية ظنوا أن فوز أحدها في بطولة الدوري يعني فوز الاسم في الوطن.. فلا الحرية ولا الوحدة ولا الكرامة ولا اليقظة أو الشعلة كانوا يعبرون إلا عن قطعة جلد منفوخة بالخَدَر.
بعض هذه الأخطاء ، في حرب ضروس شنها النظام والتي من الطبيعي أن يشنها ، جعلت جميع أطياف المعارضة في خانة واحدة وهنا الخطأ الأكبر فبات أي متظاهر هو عرعوري سلفي مندس عميل خائن . مع تبادل لألفاظ معاكسة لأي مؤيد للنظام فبات كل مؤيد شبيح مجرم مخبر تاجر دماء.لم تعد الحقيقة تخفى على أحد لكنه القرار هو من يصعب على البعض.
وهنا الفخ الأكبر الذي وقعنا به. فتشتت الطاقات في خفافيش الكلمات و عبث الأفعال ساهم في تشويه صورة ثورة اعتنقها شرفاء كثيرون لا يريدون الا بناءسورية حرة واحدة موحدة لاطائفية تحترم الجميع وتؤمن بمبدأ المساواة و العدل والديموقراطية وحرية الرأي والتعبير دون قمع.
هؤلاء باتوافي غاية القلق على وطن بات في مرحلة حساسة ، فنحن لا نريد أن نموت معاً بل نريد أن نحيا معاً.
علينا أن لا نخجل من انتقاد أي شخص بعد الآن، فمن انتقد نظامه من واجبه أن ينتقد ثورته إن أحس بوجود أي انحرافات لا تضمن له ما يريده من سورية الغد و الأمل.
الصمت قد يقتلنا مرة أخرى.. ولا نملك في هذه الحياة إلا جسد و روح.. فإن قُتل الجسد.. ألا نسعى للحفاظ على الروح.
لكم الود
————————-
يامن الشامي
تعليقان
تمدمد على راحتك يا يامن و لا تتردد …. فكلامك لا يقوله سوى الشجعان و الشرفاء
امتداد الثورة لفترة طويلة يصقل الناس و يجعلها اقوى و اكثر تبصرا …. رغم ان الثمن باهظ
آه لو يعمم هذا الكلام على شكل بيان … يوزع على كل فرد من أفراد سورية الحبيبة …