by: Naomi Ramirez Diaz
———————————-
لا، أنا لست سورية، لا علاقة بيني وبين سوريا إلا إقامتي هناك خلال تسعة أشهر. أبي وأمي إسبانيان مثلي، لم أتعلم العربية منذ الصغر ولم أسمع اسم سورية في بيتي. وبالرغم من ذلك، ينبض… ينبض قلبي مع كل خبر يأتي من سورية يتحدث عن مآسي أهاليها اليومية و معاناتها. لماذا؟ لست أدري، ولكنني أدري…،أعرف الجواب تماما وبالوقت ذاته أتردد. ما هو السبب؟ لا سبب غير كوني إنسان… نعم، أنا إنسان ولا يمكنني إعماء عيني عن أوتجاهل ما يحدث.
ولكني لست أنا الإنسان الوحيد على وجه الأرض، لست أنا من يملك القيم الأخلاقية والمشاعر التي يفترض أن يملكها كل بني آدم. لا، لا فرق بيني وبينك، لافرق بين الذين ندعم نضال الشعب السوري ومن يؤيد القاتل، فلا فرق بين إنسان وأخر بصفتهما إنسانا. وعندئذ أتسأل، ماذا يجعل البعض (وللأسف أكثر من البعض) يساند السفاح؟ هل لأنه لديه مصالح اقتصادية مع هذا النظام المجرم؟ هل لأنه يخاف من انتشار العدوى إلى دياره؟ هل يصدق القصص المؤامراتية التي ابتدعها النظام واتهم بموجبها الثوار بأنهم مندسون ومسلحون؟
طالما تساءلت عن ذلك دون أن أجد جوابا يقنعني أو على الأقل يهدئ حيرة ذهني. المناقشات مع بعض المؤيدين الذين كانوا ضحايا لنمط مشابه من الاستبداد مرت بدون جدوى، كانت مناقشات عبثية. وقررت أن أنسى الموضوع لفترة قبل الشعور بالاختناق الفكري والنفسي… وبالرغم من ذلك، ما زال ينبض.
وأخيرا أدركت الجواب، كان أمامي منذ البداية ولم أره، كان يرافقني على الطريق إليه، كان مثل الشمس التي تراها أمامك ولكن ليس بوسعك أن تميز ملامحها بدقة. مثلها مثل الإنسانية. ما هي ملامحها؟ ما هي ميزاتها؟ هل كل إنسان -وقصدي الذي هو حيوان عاقل- مثل بقية جنسه؟ هل القيم شيء مشترك بين كل البشر؟
لا. وفي ذلك النفي المطلق يكمن الجواب. من يؤيد النظام السوري إنسان مثلي على الأقل بيولوجيا له أذنان وعينان وفم وما إلى ذلك ولكن من يقف إلى جانب القاتل ويبرر القتل والاغتصاب والإهانة والسرقة والنهب والتعذيب والكذب والعقلية المريضة يختلف كل الاختلاف عمن يقف إلى جانب الحياة، الكرامة، الحقوق، الحقيقة والعقلية السليمة التي تنادي بالحرية والاحترام.
فمن يؤيد المجرم هوأنسان بحكم خلقه ولكنه لا يحترم البني آدم ولا تمييز بينه وبين البهيمة التي لا تملك قيما بل الغرائز الفورية ولا احترام لها بحياة الأخرين ولا تنتمي إلى الإنسانية.