مصطفى أبازيد
————————
ليس من المستغرب ان تقسم الأحداث الأخيرة التي تشهدها سوريا المجتمع ككل و تفككه , فحجم القتل والاجرام الذي انتهجه النظام في سبيل حمايته للكرسي و الذي كان مفاجئاً للبعض حيث تستر النظام و خاصة في عهد بشار وراء قناع الأسرة الحداثية ” المودرن ” التي يحكمها طبيب تخرج من جامعات اجنبية يتحدث عدة لغات متزوج من امرأة أنيقة تحاول ان تبدو ناشطة في مجال المجتمع المدني , هذا الإجرام الذي أسقط القناع أحدث شرخاً في بنية المجتمع السوري .
لن اتحدث عن الانقسام الجديد بين مؤيد و معارض بل عن الانقسام القديم الموجود أصلاً قبل شروق شمس الربيع العربي حيث أصبحت الأطراف التي كانت تخوض حرباً باردة سابقاً تخوضها اليوم في العلن .
وقف الإسلاميون منذ بداية الربيع العربي في سوريا إلى جانب المطالب المحقّة للثورة السورية وساعدهم بالوصول إلى قيادة دفّة الاحتجاجات الاخيرة القبول الشعبي للخطاب الاسلامي حيث قامت و منذ ما يقارب العشر سنوات بفضل ظروف عدّة منها حرب العراق و منها الظلم المجتمعي و التهميش ما تسمى ” الصحوة الإسلامية ” , و ساعدها بإدارة الاحتجاجات الأخيرة في المناطق عبر التنسيقيات و المجالس و الهيئات , حجم الإجرام الذي يرتكبه النظام و تركيبته الطائفية و اختطافه لقرارات طوائف بأكملها عن طريق الترهيب و الترغيب مما أنتج ما يبدو أنه ثورة شعبية ذات طابع اسلامي بحت يتجه شيئاً فشيئاً نحو الجهادية بقبول ورضا لدى غالبية الشباب في الشارع المعارض .
أما العلمانيين و بطبيعة الحال فهم ليسوا جسداً واحداً فإنقسموا الى أفراد و جماعات كل منها انحازت لفريق , منها من وقف مع النظام خشية أسلمة البلاد , و منها من وقف مع الشعب و أنشئ تحالفاً معلناً او غير معلن مع الإسلاميين , و القسم الأكبر بقي في الوسط يرفض جرائم النظام و يخشى أسلمة الثورة , او نجاح الثورة كما يقودها الإسلامييون عن طريق العسكرة و الجهاد , وهنا نجد الكثير منهم إما يقف مع هيئة التنسيق أو جماعة التيار الثالث أو جماعة الحفاظ على سلمية الثورة , ولا يخفى على متابع ان هذه الجماعات الثلاث تخشى أسلمة الثورة و تحاول منعها بشتى الوسائل , فهي تدعوا الى اسقاط النظام عن طريق النضال السلمي و المسيرات و عدم استغلال الأطفال او استجرار تدخل خارجي .
كل ما اشتدّ اجرام النظام و امعانه في القتل و السفك و الطائفية سيتجه الناس أكثر نحو الخطاب الموازي لجراحهم المرضي لعقيدتهم و الذي يقدّم لهم حلاً , ويبتعدوا اكثر فأكثر عن خطاب يبتعد عنهم و لا يتكلم لغتهم ولا يقدم لهم حلولاً بل تنظيراً .
لا ألوم من تذبح اليوم عائلته بالسكاكين فيقوم ليحمل سلاحه ليقاتل و لا ألوم من يدعمه و يسمّي له جمعة لإعلان الجهاد و يعلّمه الصلاة و التجويد , بل ألوم من يطالبه بالخروج في مسيرة شموع و انتظار الحوار او اهداء الورود للشبيحة .
يتكلم اليوم الكثير من المثقفين و كأنهم يعيشون في كوكب آخر منعزلون عن الشعب تماماً , و يستغربون في آخر المطاف و يتسائلون لماذا يسيطر الاسلاميون على عقول الشباب . ببساطة لأنهم يعرفون جيداً كيف يتكلمون لغة الشارع و من أين تؤكل الكتف .
فلينسى كل منا الايدلوجية التي ينتمي إليها ومخاوفه و ليرجع إلى ابسط معاني الانسانية و حقوق الانسان و المنطق والعقل , أراهن عندها أنه سيصرخ ملئ صوته ” حيّ على السلاح” …
تعليقان
لا تشد االثورة الى طرف الاسلامين يا فهمان……اى عسكرة او مذهب او يدليولوجية لثورة تسقط ولا تقول ساعد المسلمون فى تنسيق الثورة واللة عال نحنا منا دولة مدنية لا اسلامية يا ذكى الجهاد او الكفاح المسلح هو خسارة للكل الا اذا بدك تقول العين بالعين عندها يصبح العالم بلا عيون سلمية الثورة رقى فى الاخلاق والعمل بالسلمية هو من دواعى النصرالرسول الكريم دايما كان يفضل الحوار و السلام على الحرب او الجهاد بالقوة الجهاد هو الوفاق بالدرجة الاولى اذا بدك دم روح جيب الناتو وتحرر على حساب الدم انت متخلف وتريد ان تجرنا معك برافو برافو.
تركنا باحلامنا الوردية واذهب انت ومن يوافقك قاتلوا
الكثير من الإسلامين مؤمن بأن الثورة السلمية هي الأجمل و الأفضل لمستقبل سوريات لكن المشكلة تكمن في حجم القمع و القتل الذي جوبه به السوريون في ثورتهم. للأسف الداعيين لسلمية الثورة معظمهم في الخارج ينظر و لا يطرح حلولا عملية قابلة للتطبيق.