ندى الحق
—————–
ربطوني بكفن أبيض اللون…و عروني من ثيابي و أنا حية أرزق…….ربطوا رأسي و أمسكوا بي من كفني……أدخلوني في غرفة تتسع المساحات و تخنق الزوايا بلا رأي و بلا اعتقاد!!………..و استداروا حولي يرقصون رقصة الموت كهنود وطنين يعبدون الله دون أن يدرك بوذا أنهم ملحدون!!…….كنت أشعر بالنار تقترب من جسدي…….فأتعرق من كل ناحية…من نيسان……من تشرين…….من أواخر أيلول أتعرق…………فيحبس المطر في سماء ممزقة تدعى “الوطن الأدنى”!……..
يئن الشهيد في معصم والدة لم تنجبه يوماً لكنها خافت الفضيحة فدفعته لمصير مجهول و سقته حبة دواء تدعى شجاعة……..حشر أنفه في نزال مستحيل بين وحش و تنين مقتول……….فمات شجاعاً و لقيطاً ستروه!……….و دفنوه بلا كفن………..و لا يدرك أحد مصيره…فالجنة إلى قبره تروح و تأتي وحدها……و يعلم الله ما لا يفقه الكاتبون!.
يئن المعتقل في زنزانة أسفل منزله………و تسمع أمه الأرض قائلة:”صوت ولدي يشبه صوت الأرض حين تجوع!”………تدفن الطعام في الأرض لتشبع الأرض فتبلع الأم الجاهلة……..و تقول :”أنا الأرض لا أجوع…..و لكنني ألتهم الأغبياء!”……..الغباء يعني البساطة لكنه مرادف آخر دفنوه حتى لا ندركه فندخل جهنم مصرّين!!………و ماتت العائلة من الجوع…….خرج المعتقل فلم يجد أحد…….و تمت الحكاية بتصرف!!!.
يخرجون متظاهرين لحق…….فيهرب الحق عندما يسمع أول رصاصة فارّاً بنفسه من قدر محتوم!…….و يبقون هناك ليلاقوا حقاً من نوع آخر…….يرتدي الكفن ثوباً لا يأخذوه و لا يغسلون و لا يبتسمون!!………و لا يستطيعون الهروب!!……
يعتصمون صامتين فيخرج الكلام من أفواههم ماكراً دون أن يشعروه……دون أن يسمعوه……ينادي حتفهم بصوت محموم عهري النغمة……فيرشون دفعة واحدة و تنمو على أجسادهم زهرة قد سقطت من بستان الروايات لكاتب لم يعرف طعم البارود يوماً………بل ترك وردة و كتاب و عبر من معبر لليهود أغلقه العرب على أنفسهم و فتحه الله بأجسادهم ليعتبروا…….فلم يلاحظوه فأغلقوه!!!!!!!!………ماتوا يظنون أنهم بقوا صامتين و صمتهم هذا أصمّ البارود فاشتعل ليخفي الضجيج الوطنيّ!!…………
نادوا : “الله أكبر”……..”الله أكبر”………فاحتدّ كل من حسب نفسه إله فقتلهم و قطع أيديهم و تكاتف مع أقرانه ليصنعوا منهم سلماً يصلون به إلى الله……..فاختاروا أجسادنا أدراجاً ممهدة فنحن كالحجارة بل أشد قسوة………قتلونا فأصبحنا ليّنين و تفشى الخوف فينا……فأين نذهب اليوم و كيف نتكلم بوضوح و أقفال الأفواه خلقت في بلادي و صدّرت من تحت الأرض لكلّ حاكم يخاف الكلام كما يخاف العجز أمام النساء الماجنات……….أشهد أنك أبدعتَ في وصفي……و فشلتُ في إعادة صياغتك!!