سلسلة تلخيصات ثورية – المقال الأخير رقم 5
هذا المقال يعرض فكرة عامة عن خطة تفصيلية تهدف لإسقاط النظام و الالتفاف في نفس الوقت على القمع دون الحاجة للتورط في استخدام العنف. أرجو أن تجد الثورة فيها الفائدة.
بعد العرض الذي قدمته السلسلة لفلسفة و تطبيقات الثورة السلمية يلزم في نهايتها تقديم مثال مبتكر لكيفية إسقاط النظام السوري بالمقاومة المدنية بحيث يأخذ في الاعتبار البطش الذي يواجه النظام به المظاهرات و الإرهاب الذي يمارسه على الشعب. من المؤكد أن الشعب السوري سينجح في نهاية الأمر بإسقاط النظام مهما كلف الأمر لكن في وجود استراتيجية نكون قد اختصرنا المسافة كثيرا فنعجل بالفرج على الوطن و نتجنب المزالق الخطرة.
هذه الخطة تعود بالثورة لمسلماتها الثلاث الأولى: التمسك بالثورة السلمية و الوحدة الوطنية و رفض التدخل العسكري. و هي تتجاوز التساؤل الشائع عن حدود استخدام السلاح في الثورة السورية إلى كفاح مدني مخطط له يتطور و يكبر بسرعة مع الوقت فتظهر فاعلية قوته على الأرض و يكتسب مناعة ضد القمع. و بهذا يتحول التفكير بالتحول للثورة المسلحة و أيضا بطلب التدخل العسكري إلى هوامش للثورة لا تغري قاعدتها العريضة.
الاستراتيجية الموضوعة تهدف في تكتيكاتها إلى حرمان النظام من دعم الشعب عبر إبتكار أساليب يسهل تنفيذها و يصعب قمعها. لذلك فهي لا ترتكز على أسلوب المظاهرات اليومية و المسيرات العفوية بعد أن تكيف النظام معها و تفنن في قمعها. و هي لا ترتكز أيضا على الانشقاقات التي تحدث في الجيش لمحدودية عددها و عتيدها مقابل الآلة العسكرية الضخمة التي مازالت موالية للنظام. و إن كانت المظاهرات و الانشقاقات مع كل الجرائم المروعة مؤشرا لبطولة الشعب العالية التي تسعى الخطة لاستثمارها بشكل أفضل. الخطة تقدم استراتيجية موازية مع استمرار ما تيسر من المظاهرات و الانشقاقات ليتم تصعيد الثورة سريعا في المدن الرئيسية فيسقط النظام قبل نهاية السنة. هذه الخطة تدعو للأخذ بالأسباب ثم التوكل بعد ذلك على الله وحده مسبب الأسباب.
استراتيجية الخطة تتكون من ثلاث مراحل أساسية و هي: الانتشار ثم العصيان ثم الاجتياح. لكل مرحلة هدف محدد و مدة معينة و وسائل مبتكرة لتنفيذها. سنعرض فكرة عامة و مختصرة عن كل مرحلة دون الدخول في التفاصيل لأن الخطة تتطلب قدرا من السرية عند تنفيذها فلا يعلن عن تفاصيلها إلا في الوقت المناسب و ذلك للاحتفاظ بعامل المفاجأة أمام النظام و لتوفير الزخم التصعيدي فيها.
* المرحلة الأولى: الانـتــشـــار
الهدف هو الوصول لاتساع قاعدة الاستعداد للمشاركة في الثورة و ذلك في المناطق التي لم تنتفض بعد بشكل كبير. و المدة المتوقعة للمرحلة هي من أسبوعين إلى شهر كامل. يتم فيها توجيه جهود الشباب الثائر للوصول للمناطق الخائفة و الشرائح المتشككة و أفراد الأمن و الجيش لحثهم ليكون لديهم الاستعداد للتضامن مع الثورة في خطواتها الكبيرة القادمة. الوسائل تتعد في هذه المرحلة كمثل توزيع المناشير المصممة بعناية و الموجه لفئة محددة و خذ مثلا هذا المنشور. يتوقع أن يزداد بشكل ملحوظ عدد المؤيدين للثورة ضمن الجيش و الأمن و يظهر ذلك بتوفير عدة أشكال من الدعم في مواقع عملهم. نذكر القارئ بأنه لا يمكن في هذا المقال الكشف عن التفاصيل.
* المرحلة الثانية: الـعـصـيـــان
يتم الإعلان مبكرا عن الخطوة الأولى في هذه المرحلة بالتزامن مع مرحلة الانتشار لحشد الجماهير للاستجابة لشكل محدد من أشكال العصيان الجزئي الذي يسهل تطبيقه على نطاق واسع فيظهر الدعم الساحق للثورة في صفوف الشعب. ثم يتم البدء في تنفيذ أشكال متعددة و متصاعدة من اللاتعاون تنتهي بشكل من أشكال الإضراب الشامل. المدة المتوقعة لهذه المرحلة من شهر كامل إلى شهر و نصف. هناك احتمالية متوسطة لأن يسقط النظام في هذه المرحلة خصوصا مع تشجع الجهات الخارجية و الداخلية أكثر في سحب دعمها للنظام مع تصاعد العصيان المدني.
* المرحلة الثالثة: الاجـتـيــــاح
في مرحلة الاجتياح سيكون هناك خروج لحشود الشعب في المدن الرئيسية و الضواحي و توجهها لأماكن حيوية في الدولة لخنق النظام. مدة هذه المرحلة ستكون من أسبوعين إلى شهر كامل. و يتوقع في أثنائها أن تظهر انشقاقات كبيرة في الجيش، و أن تبدأ مؤسسات الدولة في إعلان تأييدها للثورة بحيث يحرم النظام الأمني المتبقي من كل مصادر القوة و تكون النهاية.
يمكن للقارئ الاطلاع على المقالات الأول و الثاني و الثالث و الرابع من هذه السلسلة مع الشكر لكل من قرأها أو انتقدها أو نشرها.
—————————–
مندس استراتيجي