سلسلة تلخيصات ثورية – المقال رقم 3
الثورة السلمية التي تعتمد على وسائل مدنية في مقاومتها للأنظمة المستبدة لها مميزات عديدة تتفوق بها على الثورة المسلحة التي تعتمد على وسائل عسكرية لإحداث التغيير. هذه المقالة تعرض لهذه المميزات مقسمة على عدة محاور:
- عدد الضحايا: في الثورة المدنية يكون عدد القتلى و الجرحى أقل بكثير من الثورة المسلحة بسبب أن عدد ضحايا الحروب عادة ما يفوق كثيرا عدد ضحايا أعمال البطش و القمع.
- التأثير الاقتصادي: عادة ما تنتهي الثورات المسلحة بدمار واسع يطال البنية التحتية و منشآت الدولة المدنية و العسكرية بينما في الثورة المدنية يكون الدمار محدودا و محصورا في أماكن معينة.
- التأثير الاجتماعي: في الثورة المدنية يشارك جميع فئات الشعب من رجال و نساء و أطفال في المقاومة كما أن فيها تنمية لمهارات لازمة لمرحلة ما بعد الثورة مثل الاتصال بالجماهير و التحاور و التحالف. أما في الثورة المسلحة فتشارك فئة محدودة من الشعب و هي الفئة القادرة و الراغبة في حمل السلاح و فيها تطوير فقط لمهارات المقاومة العسكرية مثل التكتيك الحربي و التخطيط و الإمداد و التي هي خاصة بمرحلة آنية.
- القابلية للتعددية: في الثورة المدنية يكون المجتمع مستعدا أكبر بكثير للممارسة الديمقراطية التعددية. أما في الثورة المسلحة فالطرف الذي حسم الصراع المسلح عادة ما يحاول فرض نفسه بالقوة بعد الثورة.
- الحرب الأهلية: في الثورة المدنية خطر الحدوث أقل بينما في الثورة المسلحة خطر الحدوث أعلى.
- السيادة الوطنية: في الثورة المدنية تعزيز للسيادة الوطنية و احترام دولي متوقع لاستقلال القرار السياسي بسبب أن الشعب هو سيد قراره. بينما تبني خيار العنف سيؤدي لتدخل خارجي كبير و في الحالة السورية من المتوقع أن تفرض شروط لتسليح الثوار لضمان أمن العدو الصهيوني.
- الرأي العالمي: في الثورة المدنية يعتبر قتل المتظاهرين جريمة حرب ضد الانسانية كما أن فيها تكذيبا لرواية النظام عن وجود عصابات مسلحة و إضرارا بمصداقيته. في الثورة المسلحة قد يفسر قتل المتظاهرين على أنه كان دفاعا عن النفس كما تدعم الثورة المسلحة من رواية النظام عن وجود عصابات مسلحة و ترفع من مصداقيته.
- صعوبة التنفيذ: نشر استراتيجيات و طرق الكفاح السلمي يتميز بالسهولة كما أن الأدوات اللازمة للكفاح السلمي عادة تكون متوفرة بين أيدي الناس. بينما تنمية المهارات العسكرية يتطلب وقتا أطول كما أن الحصول و التدريب على الأسلحة الحربية ليس سهلا بسبب عدم توفرها في الأحوال المعتادة.
- احتمالية النجاح: تجارب الشعوب تشير إلى أن احتمالية النجاح في التخلص من الدكتاتورية في الثورة السلمية أعلى بسبب أن المواجهة تكون بين السلطة و قطاعات واسعة من الشعب. بينما احتمالية النجاح في الثورة المسلحة تعتمد بشكل رئيسي على القوة العسكرية للمقاتلين من الشعب و مقدار الدعم الخارجي المادي المقدم لهم.
لكن مع كل هذه المميزات فقد اختارت شعوب الثورة المسلحة طريقا للتحرر من الاستبداد و ينبغي الإقرار بأن بعضها نجح في ذلك و إن كان بنسبة أقل. من الصعب تخطئة الشعوب فيما اختارت و خصوصا بعد نجاح التغيير. لكن التجارب تدل على أنه عندما ينجح خيار التغيير بالعنف فإن الظروف ترجح أيضا نجاح خيار التغيير باللاعنف لو حصل. و في المقابل لا نجد في التاريخ مثالا لتغيير مدني ابتدأ بالاعتماد على وسائل المقاومة السلمية فلم ينجح ثم تحول للاعتماد على وسائل المقاومة المسلحة فكان سبب نجاحه!
القاعدة المستخلصة أن الظروف الموضوعية التي تؤخر حصول التغيير في الثورة المدنية لا يمكن الالتفاف عليها بالتحول للثورة المسلحة. إذ لا تملك الثورة المسلحة فضلا عن خسران المميزات السابق ذكرها حلا جاهزا للعقبات التي تواجه التغيير بالثورة المدنية. و تتأكد هذه القاعدة لو اعتبرنا أن التغيير في الأصل لا يهدف فقط لإسقاط النظام المستبد القائم وإنما لإقامة بديل ديمقراطي صالح.
في هذا الرابط صورة توضيحية مبتكرة لما سابق. و في هذا الرابط صورة توضيحية مبتكرة أخرى.
للاستزادة يمكن الرجوع للمصادر المذكورة في نهاية المقال الأول و الثاني من هذه السلسلة.
——————————–
بقلم: مندس استراتيجي