باولو الشامي
————————
تفاجئني كل يوم سلوك الإسلاميين الغريب، وتطاولهم المستمر على أبسط الحقوق الإنسانية مدّعين أن ذلك هو جزءٌ من حرية تعبيرهم عن رأيهم ومعتقدهم، وفي الوقت نفسه عند ذكر أي جزءٍ من المعتقدات أو الشخصيات المسلمة ينتفضون مطالبينك بالصمت لأنك تتعدى على مقدساتهم، وقد أدى صمت ومهادنة العلمانيين حول العالم لهذا السلوك غير المقبول يوماً بعد يوم لاتساع دائرة هذه المقدسات، حيث تتسع من القرآن والرسول وصحابته وآل بيته – يتغير العنصرين الأخيرين وفقاً للطائفة – إلى أي عبارة يُدّعى أنها من أحاديث الرسول وأقوال الشيوخ وما يسمى بعلماء الدين، والحركات السياسية التي تدّعي أنها تمثل الدين الإسلامي بشكلٍ حصري، وتصل أحياناً لدرجة عدم السماح لكَ بالحديث عن أي من المسلمين، أياً كانت أفعاله أو أقواله أو سلوكه أو مواقفه فإنه محرم الحديث عنه، وأي فعلٍ تقوم به أو أي نقدٍ توجهه سيتم تفسيره بما يرضي عقدة الاضطهاد التي يحملها الإسلاميون معهم أين ما ذهبوا، بالطبع ككل مرة أكتب عن الإسلاميين علي أن أشرح أن المسلم هو غير الإسلامي، لم تفهم؟ اِذهب وابحث في تدويناتي السابقة.
أكثر ما استفزني في الأيام الماضية كان حملات من التجريح والتخوين والتكفير قام بها الكثير من المسلمين دفاعاً عن شيخين لم أفهم مصدر هذا التقديس لهما، أولهما هو شيخ إعلامي سعودي اسمه محمد العريفي، وثانيهما شيخ سوري سافر مؤخراً إلى قطر اسمه كريم راجح، بالطبع الجميع اعتبروا أن مهاجمة هاتين الشخصيتين هي تعدٍ على إسلامهم، واضطهادٌ لهم ومحاولة للحد من حرية عبادتهم، قمتُ بتصفح حساب الشيخ العريفي على تويتر لأفهم ما هو الاتجاه الذي يتكلم به، للصراحة بالفعل كانت بعض الصور المنسوبة لحسابه على تويتر مزورة، ولكن سأتحفكم ببعض النماذج عما يقوم بقوله على هذا الحساب:
“(والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين)صدق ربنا.. يزحفون ليُغفر لهم! يسويها سيستاني؟” والمقصودون هنا هم الشيعة.
“مساؤك طاعة: هل فكرت تعفي لحيتك اتباعاً لأمر حبيبك وقدوتك صلى الله عليه وسلم وتشبهاً به.. يا قرة عيني: أوقف اليوم حلقها،اترك ولو بعضها(عوارض)”
“مساؤكم وطن.. كم سيكون نافعاً للوطن لو تمّ تجنيس مواليد السعودية.. فيهم أذكياء متميزون.. لهجتهم وثقافتهم وحبهم سعودي.. تجنيسهم قوة للوطن”
“لستُ ضد لياقة المرأة وممارستها الرياضة وقد سابق نبينا عائشة.. لكنني ضد من يهتك ستر المسلمة ويلقيها أمام القنوات تستعرض جسدها تَضربُ وتُضرب” في إشارة إلى حادثة منع رياضية سعودية من المشاركة في الأولمبياد بسبب حجابها
“حساب خاص بطرح البرامج المجانية لأجهزة الآيفون والآيباد” إعلان، لذلك قمت بحذف الرابط.
“بعض منظمي الاحتفالات الرسمية يوكلون إعدادها لنصارى عرب و (دشير) لا يهمهم ديننا ولا تقاليدنا.. ويظنون أنهم يجذبون الناس! فتنقلب على رؤوسهم!”
“مصاحف باللون الأحمر! وأخرى وردي! وأصفر! وشيء ملوّن حسب المواضيع! ومدري إيش!! وكل واحد يختار حسب ذوقه! أرجوكم لا تشتروها احفظوا هيبة القرآن”
“جواب/ أخي: قراءة القرآن من جهاز آيفون وغيره لا يجب له الوضوء من الحدث الأصغر وتقرأ منه المرأة الحائض.. أما الجنب فلا يقرأ القرآن حتى يغتسل..”
“التاريخ يشهد أن الرافضة – سبابة الصحابة متنقصي القرآن – جبناء لا يثبتون عند المواجهة.. أقسم بالله إن تعرضوا لأمننا أو أعراضنا لنجعلنهم عبرة”
بالطبع الشخص الإسلامي لن يفهم سبب انتقادي لمعظم ما كتبه هذا الشيخ الفضيل – برأيه طبعاً – ولكن دعوني أوضح أمراً بسيطاً، بداية إذا تجاهلنا حجم التحريض الطائفي والدعوة الطقوسية التي يبديها على حسن الأخلاق، فإن من أبسط قواعد احترام الجماعات الأخرى والأقليات الدينية والإثنية هي أن تسميها بالاسم الذي اختارته لنفسها، قُل المسيحيون وليس النصارى، الشيعة وليس الرافضة، الملحدون واللادينيون وليس الكفرة والملاحدة، وبعيداً عن ذلك نجد هذا الشيخ يستغل حجم شعبيته من أجل إعلان اقتبسه عن شيخٍ آخر بالمناسبة، وفي حال لم تفهموا بعض ما ورد في التغريدات التي قمت بنقلها فقد وصف الشيعة بشكلٍ غير مباشر بالدواب، ذكر المسلمين بإطلاق لحيتهم إرضاءً لله، اعتبر أن لهجة أبناء السعوديات غير المجنسين هي من الصفات الحميدة التي تجعلهم يستحقون الجنسية، كنتُ سأقول أنه أراد تجنيسهم لصالح المملكة وليس من أجل حق المرأة في منح الجنسية، ولكن أعتقد أنه من المبكر الحديث عن هذه الأمور معكم، عارض ممارسة النساء للرياضة في مكانٍ تنقل فعالياته على التلفزيون، بالنتيجة عارض احتراف النساء للرياضات الأولمبية المختلفة، طالب بعدم إشراك غير المسلمين والـ”دشر” – لم أفهم معنى الكلمة بصراحة – في حملات جمع التبرعات، حرم استخدام الألوان في طباعة وتغليف المصاحف، حلل قراءته من الآيفون للمرأة الحائض – التي تمر بدورتها الشهرية – وحرمه الشخص الجنب، أي الذي مارس الجنس أو عادته السرية مؤخراً، وأخيراً وليس آخراً توعد للشيعة بأن يجعل منهم عبرة إن اختاروا المواجهة.
أما بالنسبة للسيد كريم راجح فقد كان سبب انزعاج الكثيرين منه هو خطبة ألقاها في جامع في العاصمة القطرية الدوحة، وذلك بعد أسبوع من خروجه من البلاد، وعلى الرغم من كون بعض العلمانيين كانوا معجبين بشخصيته ويدافعون عنه حتى في بعض الأحيان، إلا أن خطبته الغريبة التي ألقاها والتي انتظر حتى خروجه من البلاد ليلقيها وفي مكانٍ جدليّ بالنسبة للسوريين اليوم مثل قطر كانت الشعرة التي قسمت ظهر البعير، بإمكانكم مشاهدة الخطبة بالضغط هنا، ولكن سأقول أنا بالذات ما الذي كان مزعجاً بالنسبة لي في هذه الخطبة، وأشرح سبب تهجمي عليه بعد سماعي لهذه الخطبة.
“فيكم المسلم وفيكم المسيحي وفيكم العلماني، وفيكم من ينتسب إلى بعض الأحزاب، وقد تكون وطنية وقد تكون شيوعية، أنا أعجب ولله أنو لسا في ناس شيوعيين، لسا في ناس ينتسبون إلى الحزب الشيوعي بعد كل ما نرى..”
“.. أما الملاحدة والعلمانيون وما شاكل ذلك، يعني هؤولاء لا بد أن يعودوا إلى رشدهم وأن يعلموا أنهم لولا الصحابة ولولا الإسلام لما كانوا، لولا الصحابة ولولا الإسلام لكانوا وثنيين، ولما كانت لديهم حضارة، فالقرآن متفضل على واحد يقول أنا مسلم أو أنا عربي.. ..وأن يتخلص مما جاء به الغرب، من أن فلاناً لا دين له، لا ينتسب لدين، لكن بينتسب لإيش؟ مين خلقه؟ مين رزقه؟”
“فإننا نحنُ كثرة، ونحن القوة، نحن لسنا طائفة، نحن أهل السنة في سوريا لسنا طائفة، وفي البلاد العربية لسنا طائفة، نحن لسنا طائفيون، أنتم الطائفة، أنتم الأقلية، فلن تستطيعوا أن تتغلبوا علينا أبداً، فاتقي الله في نفسك (مخاطباً الرئيس)، وفي أهلك، وفي جبلك”
بداية فصل العلماني عن المسلم والمسيحي، اعتبر أن هناك المسلم وهناك المسيحي وهناك العلماني، آلاف التوضيحات التي ننشرها كل يوم شارحين أن العلمانية ليس انتماءً دينياً وإنما سياسياً لم تكن كافية، بكلماتٍ رشقها كيفما اتفق اعتبر أن العلمانية تنفي على المسلم إسلامه وعن المسيحي مسيحيته، يليها مباشرة تقسيمه للأحزاب لوطنية وشيوعية، وبالتالي نفى بكل بساطة عن الأحزاب الشيوعية صفة الوطنية، وتلاه بتعجب من كون البعض مازالو ينتسبون للحزب الشيوعي بعد “كل ما حصل”، ولدي فضول أن أعرف ما هو هذا الـ” كل ما حصل” الذي يتكلم عنه، كما لدي فضول أن أعرف أي حزبٍ شيوعي يتكلم عنه، ربما لم يعلم أن في سوريا وحدها يوجد عدة أحزاب شيوعية أنا وحدي أعلم منها خمسة أحزاب، اعتبر أن الملاحدة – اسمهم الملحدون بالمناسبة – والعلمانيين يجب ان يرجعوا إلى رشدهم، ليس ربهم أو دينهم، رشدهم، ومرة أخرى سلخ صفة الدين عن العلماني، واستخدم كلمة “وثنيين” كشتيمة، متجاهلاً أن البلد التي يعيش فيها الآن فيها عشرات آلاف الهنود الهندوس أو الوثنيين بالتقسيم الضيق الذي يستخدمه المتدينون في بلادنا، واعتبر القرآن متفضلاً على كل من يقول أنا مسلم، مع التذكير أنه يخاطب الملحدين والعلمانيين الذين رأى أنهم لا يستطيعون أن يكونوا مسلمين، وكل من يقول أنا عربي، لا يهم إن لم يكن مسلماً، كما يقال في اللهجة العامية “أكل منية”.
المقطع الأخير الذي اقتبسته منه لن أقوم بنقاشه أو تفصيله بسبب حساسية ما قيل فيه، ولكن فقط أود أن أعلق عليه أن الأغلبية الوحيدة في سوريا هي السوريون، وأنه من المشين والمعيب على رجل بمقام السيد كريم راجح يحمل كلامه الأثر الكبير على فئة واسعة من طلابه وأتباعه ومن يعتبرونه رمزاً من رموز الإسلام – أياً كان معنى هذه العبارة – أن يتوعد بهذا الشكل الطائفي المقيت لفئة هي من جذور هذا البلد، ولها الحق في العيش وتقرير مصير البلاد بالضبط كما للأغلبية السنية التي تتحدث عنها، أنتَ تصف نفسك أو نفسكم – لتوخي الدقة – بعدم الطائفية.
أعتذر من المسلمين الذي أزعجهم كلامي، أعتذر على إزعاجهم فقط وليس على كلمة مما قلت، أود أن أذكرهم أن الإسلام بني على رسالة قديمة، على كتابٍ وتقليد تداولته الأجيال لمئات السنين، هذان الشيخان هما بشر، واحترامي لهما مبني على كونهما بشر وفقط، ولكن بما أن لهما الأثر الكبير على الكثير من الناس، وبما أن الكثير من تصرفات البشر ستنبع من أقوالهما فلا بد أن يكون هناك قدرٌ من المسؤولية واحترام الاختلاف مع الآخرين، ودون ذلك فإنهم معرضٌ للنقد كما هو أي سياسي أو فنان أو كاتب، ولا يجوز أن تعتبروا أنهما من رموز الإسلام، هؤولاء بشر، ويجب أن ينبع نقدهما من المسلمين قبل غير المسلمين، لأنهم أول المتضررين وأول من ستتشوه صورته مع كل كلمة سيئة تخرج من أفواههما، عفواً على الإطالة وأود إضافة أمرٍ واحد؛ خبر “ليس” يأتي منصوباً، كان الصحيح من السيد كريم راجح أن يقول “لسنا طائفيين” بدلاً من “لسنا طائفيون”.
9 تعليقات
نحن لسنا طائفيون، أنتم الطائفة، أنتم الأقلية، فلن تستطيعوا أن تتغلبوا علينا أبداً، فاتقي الله في نفسك (مخاطباً الرئيس)، وفي أهلك، وفي جبلك(كلام الشيخ)
يتوعد بهذا الشكل الطائفي المقيت لفئة هي من جذور هذا البلد، ولها الحق في العيش وتقرير مصير البلاد بالضبط كما للأغلبية السنية التي تتحدث عنها، أنتَ تصف نفسك أو نفسكم – لتوخي الدقة – بعدم الطائفية.(رد الكاتب)
رد الكاتب فيه اسفاف ….و كأن الشيخ قد توعد بالقتل للعلويين بحسب الكاتب ….ناقل الكفر ليس بكافر والوضع الطائفي حقيقة ليس وهما…يجب ان لا نهرب من الحقيقة و نختفي وراء اصبعنا ….والا ما تفسير وجود أنصار للنظام حتى الان ؟؟؟؟
على فكرة أحد تعريفات العلمانية فصل القداسة عن الحياة
انا بحب قلك كلمتين احنا مو بوقت لازم بندقق في على زلات بعض
و اذا كان في زلات من هل مشايخ بتمنى تحترم الناس يلي تتبعهون و هي فئة كبيرة من المجتمع السوري و تنقدهون بأسلوب اكتر احترام
ما بدي طول بالحكي بس التويتر و الفيس بووك بإمكاني اعمل حساب فيهون لكل الشخصيات الدينية و السياسية فمو بالضروري بينتسب كل الكلام للشيخ العريفي
و الشيخ كريم راجح بالنسبة لرسالتو للشيوعيين لانو كل الدعم يلي عم يندعمو بشار هو من الشيوعيين ( روسيا و الصين ) وهنن ام و ابو الشيوعية
انا مو حابب طول عليك بس بتمنى برتاجع مقالك و تمحضها اكتر و في عبارات ارقى فيك تستعملها
وشكرا .
لك يا عمي حاج تتعبوا حالكن وتضيعوا وقتكن (بالله أديش أعدت وانت عم تدور عتويتات العريفي وتسمع خطبة راجح وتنكش منها الأخطاء اللغوية؟!) بس انتبهت لما فتحت عتويتر الشيخ العريفي انو الو مليون ونص متابع ؟؟ وهو على فكرة اكتر شخصية عربية إلها متابعين.. بئا هالمليون ونص كلن جهلة وانت الوحيد الفهيم والفطحل خزاة العين عنك !!؟؟؟
أنت تهاجمنا , وإن دافعنا , لقلت نحن إسلاميون متشددون , لأننا لم نجد ما يقلق كما أسلفت ,
و إن لم ندافع , أعتقد أنك على صواب ,
أنت على خطأ , المسلمون عندما يطالبون بالعلمانية , غير لما يجيني واحد لاديني و يطالب بالعلمانية ,
علمانيتكون غير علمانيتنا ,
وواضح من كلامك , شو دينك , مع أحترامي ألك يعني , لو كان كاتب هالمقال مسلم , كان حقق المطلوب من المقال , لأنه سيعلم أين سينتقد , و ماذا سيوافق , ليكسب الجمهور , خلليك بالمقالات العلمية , أو اللادينية أحسنلك ,
مقال تافه ومافيه أي فكرة
الغاية التنكيش و ليس النقد خلق مشاكل مو حلها هذا هدف المقال او ( الكاتب ) برأيي الشخصي
شكرا
you are very ignorant ,it is not the time for this extreem thought,tell the minority to stop killing and let sit down and talk
تريد ان تعلق على قول الرجل بقولك الأغلبية الوحيدة في سوريا هي السوريون … و ما البقية؟؟؟ يعني تدقق على الناس و انت معلش تشطح …… هل افهم من قولك ان الاقلية في سوريا هم غير سوريون.. وانت تنزع عنهم اسم بلدهم فقط لانهم اقلية…يعني المجاز الك دون سواك.