توضيح …!!!!
إذا طرحنا على أنفسنا السؤال التالي . لماذا أصبح الجميع يتحدث في السياسية . ولماذا هذا اللغط بين الشارع والسياسة .ولماذا أصبح الفنان سياسيا والأديب سياسيا والفلاح سياسيا .وأصبحت السياسة سلعة عامة..؟؟؟
الجواب : عندما نتحدث عن علم الاجتماع السياسي ( بعيدا عن الأسباب المباشرة لما أدى إلى هذا الأمر بسوريا ).
في كل المجتمعات التي تمر بمراحل الولادة أو التحول من مرحلة إلى أخرى . نتيجة حراك اجتماعي . يصبح كل شي أخر مرتبط بها .أي يصبح لدينا بلورة لمفاهيم متعددة كانت لها صور وصيغ بأشكال مغايرة قبل هذا الحراك أو لم يكن موجودا أبدا وأشير هنا إن الأمر غير مرتبط بالعراقة الحضارية للمجتمع . فالتحول يدل على احتياجات مرحلية لمجتمع ما أدت إلى هذه الانتفاضة الاجتماعية على القيم والكيان والأشكال التي تكون أحيانا قد وصلت إلى درجة التقديس فيستحيل قبل الحدث ان يخطر ببال أي فرد ان يتناول هذا الأمر .
فيصبح لدينا . حراك اجتماعي ثقافي – حراك اجتماعي فكري – حراك اجتماعي عقائدي –حراك اجتماعي علمي – وعلى هذا المنوال يكون لدينا …الحراك الاجتماعي السياسي . الذي يكون في الدرجة الأولى من الأهمية لأنها مرتبطة بشكل مباشر في تنظيم وترتيب المجتمع من بعد هذا الحراك ..ومن خلال ارتباط كل ما ذكر بالمجتمع والحراك . يصبح في مرحلته الأولى اجتماعيا بكل طبقاته . فنجد الأديب والطبيب والفنان والمهندس والمثقف والفلاح والعامل والطفل والكبير والصغير يتناول السياسية وفي بعض الأحيان يمارسها . باحترافية او بغوغائية .
وتصبح في مرحلة لاحقة علوم ومجالات منفصلة عن المجتمع وحراكه ويعود كل الى موقعه . فيصبح لدينا علم السياسة والحياة السياسية وتبدأ بقية العلوم بالانفصال تدريجيا لتأخذ طريقها مع بقاء جزء هام منها مرتبط بالحياة الاجتماعية كعلم بحثي وليس كعلم تنظيري .
في الوضع السوري :
الحالة معكوسة، في السابق . كانت العلوم السياسية والحياة السياسية بعيدا في التنظير والبحث والتداول عن المجتمع وكانت حكرا على صفوة السياسيين .. ليس صفوتهم علما وخبرة بل صفوتهم انتماءا للأيديولوجية السياسية في سوريا ..تلك الإيديولوجية الخاصة بفكره وفي خطورة ممارسته كقائد للمجتمع والدولة نظريا وهو ابعد من يضع المجتمع في فكره لا من قريب ولا من بعيد . ووصل بقناعاته السياسية والفكرية إلى حد التمرد على ذاته العالية وذهب بعيدا بكل شئ حتى عن منطق الديكتاتورية ليدخل مرحلة الفوضى في الممارسة الداخلية ويتحول إلى نظام مافية سياسية واقتصادية .
وما رافقت الثورة من صدمة اجتماعية وفكرية وإعادة الروح الاجتماعية للشعب السوري . ليعود مرة اخرى بحراكه شعبا حيا أعاد من خلال هذا الحراك الروح في كل مجالات الحياة . بعد سنوات من الكبت .
لكن ما يجب الإشارة إليه . إن الشعب السوري يشبه في فكره النار تحت الرماد . فهو شعب لا يتوقف عن التفكير الذاتي وممارسة ما كان ممنوعا في عيابات فكره . وعندما أزاح الستار وأطلق شرارة الثورة كان مهيئا فكريا ليكون فعالا بفكره . ومتنوعا بكل ما طرحه .
من هذا المنطق برأي لا يلام على المعارضة تنوعها واختلافها ولا حتى في شرزمهتا في بعض الأحيان . لان الحياة السياسية جاءت لتمتزج مع حياة اجتماعية ..كلاهما عريقان في الفكر وحديثان بالممارسات . وليسمح لي الأستاذ ياسين الحاج صالح لاستخدم مصطلحه .. الأخير …الوضع الطبيعي …
الوضع الطبيعي للثورة الفكرية الاجتماعية السياسية ستؤدي بالأخير إلى تحديد المسارات .
بالأخير دعوني أشير إلى مقولة للدكتورابراهيم الابرش . ( أستاذ علم الاجتماع السياسي ).:
ويقول انه “لعقود طويلة وعلماء السياسة يضفون صبغة الشمولية والعالمية على نظيراتهم ومقولاتهم السياسية، وينطلقون في تعاملهم مع الظواهر السياسية من منطلقات قانونية ومؤسساتية. وقد تأثر علماء السياسة في دول العالم الثالث بهذه التنظيرات وقاموا بنقلها ومحاولة توظيفها على مجتمعاتهم، فكانت النتيجة فشلا ذريعا في تمثلها فبالأحرى في تطبيقها على أرض الواقع وقدرتها على التعامل مع مشاكل هذه المجتمعات”.
السياسة وكل العلوم تلد طبيعيا وتعيش سليما عندما تولد من المجتمع، الوضع طبيعي، لنتفاءل خيراً.
———————
Adnan A A