Wi Sam
——————-
ثورة بلا أخلاق! “لا توقفوا القتل … لا نريد وطناً لكل السوريين” ..
بعيداً عن الرومانسيات الثورية و الأخلاقية، لم أتخيل يوماً أن أحداً قد يعترض على شعارات جوهرية مثل “أوقفوا القتل” “نريد وطناً لكل السوريّين”. هي شعارات أساسية في بساطتها، و في بنيتها و في أخلاقيتها. من أبسط مسلّمات أخلاقيات الإنسان، أو ما بقى من الإنسان فينا، أن نرفض القتل. القتل “حرام”. أصرّ أن أفترض أن القتل ليس من غرائز الإنسان. نحن، كبشر، مسلمين و مسيحيين، مؤمنين و لادينيين، قد نختلف في أمور كثيرة، ولكن تجمعنا عقيدة “القتل حرام”.
الاعتراض على هذا الشعار سابقة في تاريخ الثورات، بل وفي التاريخ عموماً.
لسان حالهم يقول “لا توقفوا القتل … استمروا به”.
أن يتجاهل البعض الأطر الأخلاقية التي يصعب الاختلاف عليها أمر ممكن. أن يطالبوا أيضاً بغياب الأخلاق عن ثورتهم هو أمر غريب بعض الشيئ. أن يصرحوا به علناً هو غريب بشكل استثنائي. أما أن تغيب عن وعيهم لا أخلاقية اعتراضهم على شعارٍ يطالب بوقف القتل فهو أكثر من غريب. هو مثال في السذاجة و غياب الوعي في أحسن الأحوال. هو قمة في البشاعة
“لا توقفوا القتل … لا نريد وطناً لكل السوريين”
أشدّ ما يؤلمني هو معرفتي أن هذه الاعتراضات هي نابعة عن “طيبة قلب”، عن “حسن نيّة”!
نسي البعض المعنى الجوهري لـ “الثورة”. أبحروا مع أفكارهم “الثورية” بعيداً ووصلوا بها إلى شواطئ “السياسة” و “الحرب”، مبتعدين بذلك عن أبسط القيم الأخلاقية لكل ما هو ثوريّ وإنساني. استحال الأمر بالنسبة لهم الآن إلى حرب، أو معركة سياسية، مبتغاها الأوحد هزيمة الآخر بأي السبل المتاحة بغض النظر عن شرعيتها الأخلاقية. أصبح كل ما يهمهم هو معاركهم و تصريحاتهم و مواقفهم “الثورية” و “حنكتهم” السياسية و شعبية ما يقولون و يفعلون في عالمهم الصغير جداً، عالم “ثورتهم”، أو بالأصح عالم “معركتهم”. نسوا، أو تناسوا، كيف بدأت الثورة. نسوا كيف هم نفسهم قد أطلقوا الثورة، فصارت بالنسبة لهم الآن معركة شخصية، معركة ثأر، معركة حقد، قتال شوارع، حرب.
لكن ما يطمئنني هو معرفتي أن ذلك كله عن “طيبة قلب”، عن “حسن نيّة”!
أنا أعرف أنهم سيفطنون يوماً أن ثورتهم هي أخلاقيّة و إنسانيّة في جوهرها و مآلها، لأنها إن لم تكن كذلك فهي ليست بثورة. هم أكثر من يعرف.
بين رواد الثورة و مجرمي الاستبداد هناك بحر من المترددين و الوسطيين و الخائفين و الحمقى و العقلاء و الحكماء و المسالمين و الأنانيين و الغيريين و التائهين و الحيرى. هم أيضا أبناء الوطن، ولا ثورة بدونهم.
سينتهي الـ “ثوريون جداً” من تفاصيل معاركهم و سيتذكرون أنه لا بديل عن بناء الوطن. سيعودون لإكمال ما بدأوا تضحياتهم من أجله، و من بدأوا ثورتهم من أجله. يبطؤون السير قليلاً، يتوقفون، يعودون قليلاً إلى الوراء، يأخذون بيد من تخلف عن سريع خطاهم و ينطلقون معهم إلى الأمام، لأنه لا بديل عن بناء الوطن.
ليت هذا اليوم يأتي سريعاً
3 تعليقات
هذا الكلام رومانسي أيضا (وشكرا لك ع الامل في اخر المقال) .. لان من يقتل ويخرب ويختطف ويدعي بأنه يفعل ذلك لاجل الثورة سقط كاانسان اولا وثانيا كثوري ينادي بقيم لم يعرفها سوى ع اليافاتات …لاتوقفو القتل هي العبارة الصريحة التي تضمنتها قلوب المظلومين الذين حرقت قلوبهم بفقدان اسرهم وحبائهم ولكن الابشع أن يقوم “الثوريين” بالقتل كرد فعل على القتل ..وهنا مقبرة الثورة أن ننادي بشيء ونقوم بعكسه تماما
من إعترض على شعار أوقفوا القتل لم يعترض عليه لأنه يريد للقتل أن يستمر ولكن لسببين
أولا أنه لايحدد من يخاطب وبالتالي يظهر أنه يحمل الطرفين مسؤولية القتل
وثانيا لأنه يطلب من النظام الذي يرتكب أبشع المجازر أن يوقف القتل وهو طلب بريء لحد السخف !
http://arabic.cnn.com/2012/blogs/4/15/Blogs.15April/index.html