مقال من الدير شبيغل
نشر بتاريخ 22.09.2012
ترجمة A.ALH
من حلب تقرير بيلدا كورت :
يطلق على نفسه أبو يحيى، وهو الاسم الحركي، كما يفعل الآلاف في سوريا. يبلغ من العمر سبع و عشرين سنة. وهو يرتدي تي شيرت أسود ورمادي و سروال إلى دون الركبة. ينتعل صندل ماركة بيركنستوك، ويحمل على الكتف بندقية كلاشنيكوف. أبو يحيى يبدوا ودودا ولا يتوافق مع الصورة النمطية المعادية للغرب للإسلاميين المتعصبين .نشأ كطفل لمهاجرين جزائريين على الحدود الفرنسية السويسرية. عمل سنة ونصف في مصنع نسبرسو في أورب، سويسرا. عدا ذلك، لا يتكلم الكثير عن ماضيه.
لقد جاء إلى سوريا لمشاركة أصحابه المؤمنين في الحرب ضد الرئيس الأسد. “لقد جئت هنا لوحدي ، أولاً إلى اسطنبول ثم غازي عنتاب التي تبعد فقط حوالي أربعين كيلومترا ثم إلى كيلس،آخر بلدة تركية قبل الحدود السورية. و بسبب جواز سفري الجزائري مُنعت من عبور الحدود، ولكن الثوار ساعدوني على التسلل من محيط مصنع أسمنت وخلال السياج الحدودي. “ثم قضى اسبوعاً في مدينة أعزاز حيث تدرب على السلاح”. ومن ثم أرسل إلى حلب.
– جبهة حلب الغربية تعتبر كمكة بالنسبة للمقاتلين الأجانب
تتمركز جماعة أبو يحيى، البالغة حوالي عشرين رجلاً وصبياً، في مدرسة جنوب غرب حي السكري. جبهة حلب الغربية تعتبر كمكة بالنسبة للمقاتلين الأجانب الذين يرغبون في المشاركة في الجهاد في سوريا، وذلك لأن هذه المنطقة كانت حتى وقت قريب ساحة لأشد المعارك عنفا. أبو يحيى يعتقد أن هناك مقاتلين أجانب في السكري، وخاصة من المملكة العربية السعودية وليبيا والعراق، و أيضا من تونس، و قد التقى حتى ببعض السودانيين.
المجموعة التي ينتمي لها ليست جزءا من الجيش السوري الحر (FSA) و الذي يعتبر كشبكة من الوحدات غير المترابطة على الغالب من الثوار العلمانيين دون إيديولوجية ثابتة. أبو يحيى هو أحد أعضاء كتائب أحرار الشام، و ترجمتها الحرفية “كتائب السوريين الأحرار”. و هذه الحركة السلفية منظمة بشكل جيد، و تتمتع بدعم مالي من منطقة الخليج وتعمل بشكل رئيسي في شمال سوريا، حيث يقدر عددها ببضع مئات من المقاتلين. و تقوم بتنسيق عملياتها أحياناً مع FSA.
و لقد عرفت كتائب أحرار الشام بتجنيدها للجهاديين الأجانب في صفوفها. كما أن موقعها على الانترنت قد صمم بشكل محترف وهو لا يتضمن خطاباً معادياً للغرب و لا يدعو للعمليات الإرهابية.
– الشاب حسن يلعب على الكمبيوتر ألعاباً حربية
أبو أنس من أعزاز الشاب ذو الأربعة وعشرون عاماً هو قائد القوات في مدرسة السكري. ذو لحية، و شعرٍ متموج يصل إلى كتفيه ، يرتدي قميص بولو أسود، وبنطلون و حذاء عسكريين. و يمكن اعتبار أبو أنس كشئ يشبه الأسطورة هنا. لقد قاتل في العراق و وهو فنان في صناعة القنابل.
في الصف الدراسي الفارغ، القائد الشاب يعرض مجموعته: حوالي ستين من العبوات الناسفة تتدرج من بضعة كيلوغرامات حتى الخمسين كيلوغراما. أبو أنس يصنع القنابل، من قذائف المدفعية التي لم تنفجر، ويستخدمها في المقام الأول على أهداف غير مدرعة. “حيث يراد لها التأثير على الجنود، فنضع العبوات خلال الليل في المنازل أو على جوانب الطرق، وعندما يأتي الجنود في الصباح، نفجرها لاسلكيا أو عن طريق الأسلاك”، يوضح أبو أنس.
و غيرها من المتفجرات التي توضع في اسطوانات من الحديد ويتم لحمها و تزن حوالي خمسين كيلوغراماً, و يتم استهداف الدبابات بواسطتها و تؤدي إلى تلاشي الدبابة. كم عدد الدبابات التي دمرتها ؟ لا أعرف بالضبط و لكن هناك الكثير يجيب القائد الشاب.
حسن أصغر المجموعة يجلس خارج القاعة، يلعب على جهاز كمبيوتر دور المهاجم لمعسكر للجيش فيطلق النار على الجنود الذين يرتدون زياً رسمياً أخضر مع قبعات حمراء. انه يضع ربطة رأس سوداء كتب عليها الشهادة الإسلامية بالأبيض. وعلى الرغم من الحرارة، فقد لبس قفازات صوفية سوداء. انه يسعى إلى محاكاة الدور الذي يلعبه كثيراً.
فوق المدرسة تحلق طائرة بدون طيار ، ويسمع صوت قذائف الدبابات التي تضرب المباني السكنية خلف المدرسة . لقد حاول حسن التعامل مع التهديد ببرود، مثل الرفاق الأكبر منه سنا. انه يدعي أن عمره ستة عشر عاماً، ولكنه يبدو مثل صبي في الثالثة عشر,و هو لمّا يعثر على ملابس سوداء تناسبه، ولذلك يرتدي ملابس مدنية، جينز مخطط و تي شيرت رمادي.
– قنابل جديدة تصنع من القنابل التي لم تنفجر
كتب على جار المدخل باللغة العربية: “أمة قائدها محمد لا تركع”. في الساحة صغيرة بين الجدار وما مجموعه مباني المدارس الست قنابل ضخمة لم تنفجر ألقاها سلاح الجو السوري. بعضها نزع أبو أنس الصاعق منها و بعضها ينتظر. “هذا شيء خطير، عليك أن تركز للغاية و تتجنب الوقوع في الخطأ”، قال الشاب ضاحكاً. فشل الكثير منها بالانفجار يعد مؤشرا على نوعية رديئة من القنابل .يمكن اعتبار أبو أنس بمثابة مستودع للمتفجرات.
بالنسبة لقنابله فانه يستخدم مزيج من الأسمدة والوقود.و بالمقارنة مع أبو أنس فالمقاتلين الآخرين يعتبرون مبتدئين. وعلى الرغم من أن العديد من المتمردين يملكون قنابل يدوية صنعت في سويسرا فإنهم يضطرون كثيراً لصناعة قنابلهم من المواد المحلية.
و على عكس جبهة النصرة ، والتي يشار إليها أحيانا في وسائل الإعلام الغربية على أنها فرع من تنظيم القاعدة،فأحرار الشام لم تنفذ تفجيرات انتحارية كما يظهر. و مع ذلك فمن الواضح أنه يوجد مقاتلين مع أبو أنس معجبون بأبو مصعب الزرقاوي أحد القادة الإرهابيين لتنظيم القاعدة و الذي قتل في العراق. و تستطيع أن ترى هذا بشكل واضح فهم يضعون على رؤوسهم أربطة سوداء تماثل علم القاعدة الأسود
و لدى سؤاله عن فكر أحرار الشام، يجيب أبو يحيى الجزائري: “نحن نقاتل من أجل إقامة دولة إسلامية في سوريا ، ولكن جبهة النصرة تريد قيام الخلافة في جميع أنحاء بلاد الشام والعراق …”
– الجهد الإنساني الذي تقوم به كتائب أحرار الشام
إلى جانب أبو يحيى يوجد شاب يبلغ ثمانية عشر عاما من العمر من مصراتة. يحمل بندقية قناصة روسية الصنع. لم يصرح باسمه، لكنه قال إنه خاض معارك في العام الماضي ضد قوات القذافي عندما كانت مصراتة محاصرة . في ليبيا، هناك العديد من الشبكات التي تهرب الجهاديين إلى سوريا. فعلى سبيل المثال من الأماكن المعروفة كنقطة تجمع لمؤيدي الثورة الإسلامية العالم، ، مسجد في ضاحية قرقاش الفاخرة في العاصمة طرابلس.و أيضا من درنة في الشرق يأتي عدد كبير من الجهاديين الليبيين. و خلال الحرب على العراق عرفت درنة كنقطة انطلاق لليبيين الذين يريدون القتال ضد الأمريكيين في بلاد ما بين النهرين.
حوالي خمساً و أربعين كيلومترا إلى الشمال من المدرسة يقع مقر أبو أنس في مدينة أعزاز. فقد استقر المقاتلين هناك في فيلا لأحد تجار الهيروين السابقين. و تستطيع أن ترى بجوار حوض سباحة الفارغ دلة القهوة العربية المصنوعة من الاسمنت.
لقد جهز المقاتلين المتمركزين أنفسهم للعمل الإنساني. فقد جلبوا من تركيا حمولة شاحنة من الطعام، وحفاضات للأطفال والفوط الصحية للنساء. حيث يتم توزيعها على الفقراء من سكان أعزاز. رئيس المجموعة المصاب بالبهاق، و عمره أكبر كثيراً من متوسط أعمار مقاتليه يقوم بتوزيعها لقائمة من أسماء الأسر المستفيدة.موضوعة في أكياس سوداء و تستطيع أن ترى في كل مكان شعار الجماعة الإسلامية” النسر الأخضر وعبارة أحرار الشام”. انه شخص متواضع هذا القائد المصاب بالبهاق و هو ينفي أن تكون كل هذه الأعمال الاغاثية بهدف كسب الشعبية و تجنيد المقاتلين.
ضمن نفس السياق وجدنا شاباً كندياً صغير السن قدم من مونتريال ويتحدث الفرنسية بلكنة الكندية. يدعي انه كان فقط في مهمة إنسانية في سوريا. ولكن هل كتائب أحرار الشام مؤسسة خيرية وليس مجموعة للقتال؟ أحرار الشام تقاتل من أجل السلام وضد الأسد الوحش يقول الشاب الكندي. ثم يضيف: “وأنت تعرف من هم الإرهابيين الحقيقيين، إنها أوروبا و طبعاً أمريكا ، التي تأتي إلى بلاد المسلمين و تقتلهم، و على كل الأحوال أنا لا أريد العودة إلى كندا ..؟”
تجدون المقال على الرابط التالي
http://www.spiegel.de/