كان ياماكان في قديم الزمان وفي بلاد الثيران البعيدة اربعه ثيران كبيرة ثور ابيض وثور احمر وثور اصفر وثور اسود ولكل ثور منهم حصته من الأرض فقد كان للثور الأبيض أراضي جنوب البلاد في حين سكن الثور الأصفر شرق البلاد, وأخذ الثور الأحمر حصته من الأراضي الممتدة على ضفة النهر الفاصل بين بلاد الثيران البعيدة والبلاد الأخرى في الغرب أما الثور الأسود فقد كان له قلب البلاد وشمالها. وكان لكل ثور منهم إناثه الكثيرة وذريته الكبيرة. تشردت الثيران كثيرا و اتفقت على ان تبحث على مليك جديد لها فدخلوا غابه كبيره في طرف البلاد البعيد عند النهر اخذوا يبحثون كثيرا فقالوا نبحث عن الاغنى ملكا والاقوى بدنا ليحمينا بغناه وقوته, فجأة سمعوا ضحكا هيستيريا تهتز له ارجاء الغابه فقالوا : هاهو من سنعطيه صكوكنا فهو يبدو من صوته العظيم انه عظيم هرولت الثيران لسيدها الجديد تبحث عنه, وجدته بعد عبور نهر عظيم يفصل بين جزئي الغابه الغني والفقير وبضحكة أخرى من السيد الجديد كانت الثيران قد ارخت ارجلها وايديها لتقدم فروض الطاعه والولاء لملك الغابه الجديد. فقد أسرهم صوت الضحك المجلجل وماعرفوا أنه ضحك الشر والغدر وليس ضحك الفرح…إنه الضبع…
اختلى ذاك المساء الضبع بالثور الأحمر هامساُ: اسمع ياأيها الأحمر الجميل لطالما أحببت لونك واعتبرته لوني المفضل وهو دليل القوة, تهلل الثور الأحمر لهذا الإطراء وقال مرني ياسيدي تراني عند حسن ظنك, قال الضبع: أنت من اليوم ساعدي الأيمن في هذه البلاد وسأسميك الثور الضبع لما فيك من خصالي وسأعطيك صلاحياتي المفتوحة لتربية صغار إخوتك من الثيران وردع من يشط منهم…فرح الثور الأحمر باسمه الجديد وغدا منذ ذلك اليوم ثورا متضبعا…
عادت الثيران من رحلتها سائلةً عن اخيها المفقود فرد الثور الاسود بحماس ان اخاهم لم يعد ولعله تاه او مات وبعد أيام قليله كانت الثيران قد نسيت اخاها المفقود وأبناءه البيض الصغار….
وذات يوم لمع وبر الثور الاحمر, الثور الضبع وقد طالت صولاته وجولاته وزاد بطشه باسم مليكه فلمعت فكرة في رأس الملك المحنك فتأفف بتقزز مبديا امتعاضه امام وزيره الاول ( الثور الاسود) وقال: كم كنت في زماني اهجم على ثيرانٍ حمرٍ بسبب حمرة ولمعان ظهورها . اني محتار ياوزيري فأخوك الثور الأحمر ظن نفسه ضبعا بحق وإن رآه ضبعٌ غيري سوف ينتهك ملكي فنصبح طعاماً سائغاً لغيرنا وانت تعلم مدى شقائي ووهني في إدارة ملك بلاد الثيران المتعبة فاني لم آكل منذ فتره طويله فماتشير علي ياوزيري العزيز؟ قال الثور الاسود: كله كله ياسيدي لتتقوى وتحمينا في كنفك الحصين فأكل الضبع الثور الاحمر كاخوته غير مأسوف عليهم….
لكن مهلا…أبنائي لايحبون النهاية التراثية المعروفة للقصة ويحلو لي ان أغيرها لهم فأتابع: همّ الضبع بالهجوم على الثور الأخير الأسود وإذ بصغار الثيران بيضا وصفرا وحمرا وسودا تثب عليه من كل صوب حتى أوقعته أرضاً وشلّت حركته وتكلم ثور صغير قائلا: أيها الضاحك الغادر إن كان أحد كبارنا قد تركك تأكل أخوته فإنا اليوم لك بالمرصاد…كفاك خرابا في بلادنا وافتراسنا فينا… وتكاتف الصغار فحملوا الضبع الضاحك الذي استحال باكيا إلى ضفة النهر قائلين: آن لضحكك الهيستيري أن يصمت فهو يؤذي آذاننا ويكتم ضحكات فرحنا …هيا اذهب وعد من حيث أتيت …ورموا به جميعا إلى النهر الذي كان هائجا فابتلعه إلى غير رجعة….
يتهلل طفلاي فرحا لشجاعة الثيران الصغار ويسألني صغيري: ماما, ماذا حل بالثور الأسود الكبير؟ فأجيب: يحكى أن الثور الأسود الكبير منذ ذاك الحين يذهب في عصر كل يوم إلى ضفة النهر حيث التقوا بالضبع أول مرة ويبكي بحرقة نادما معتذرا إلى أخوته ويظل يبكي الليل بطوله حتى صباح اليوم التالي….يعلق صغيري: مسكين هذا الثور سيموت حزينا متحسرا على هذا الحال…
فيجيبه أخوه: بل إنه مسكين لأنه يعتذر ومامن سميع ولامجيب فإخوته في الجنة وهو سيبقى دوما على تلك الأرض….
.
تعليق واحد
سيأتي اليوم الذي تتحول ضحكة هذا الضبع إلى مجرد آهات على ما فعله في الماضي