لا تصالح يا أبي، واطلب ديّتي حياتي. قل.. أريده حياً هنا.. وادهن باب بيتنا بدمي.. واغسل جثتي بالغيم الذي أحبه، ثم ادفني في مقبرة واسعة، مزدحمة.. لأرفع رأسي بين الأموات أيضاً…
واصرخ بمن لا عيون لهم: “أكرهكم”..
وقبّل قلبي المثقوب قبل دفني، واصرخ مجدداً: لن أصالح. لأن دمي ليس رخيصاً يا أبي..
وتعال قبل كل غروب، لتقرأ أخبار الشارع لي..
كيف يموت الظالم في كل زقاق بكم، وكيف يجد الناس عيونهم، وكيف تضحكون…
ولا تغسل باب بيتنا قبل الفجر يا أبي، لأن دمي ليس رخيصاً..لا تصالح يا أبي، واطلب ديّتي حريتك.
عامر مطر ابن مدينة الرقة درس الاعلام بجامعة دمشق.تبنى قضية مخيمات الجزيرة السورية واشتغل على تعليم الأطفال بهي المخيمات
اقام حملات لمساعدتهم ومعايدتهم بكل مناسبة بهداك الوقت كانو اعضاء مجلس الشعب المنتخبين عن مدينة الرقة عم يتمخترو بأروقة البرلمان السوري..مع بداية الثورة السورية أسس عامر مطر مع عدد من الصحافيين السوريين مؤسسة الشارع للاعلام والتنمية
اعتقل للمرة الأولى بنهاية شهر اذار 2011 لمدة 16 يوم والمرة التانية بشهر أيلول 2011 لمدة أربع شهور.. .
– عامر مطر… مرحبا..
– أهلا فيكم..
– لن أسكت مادمت أتنفس!!اديش كان صعب بالنسبة الك انك تاخد هالموقف؟ انك تضرب عن الموت… تضرب عن الخوف انك تكون لها الدرجة شجاع!! شجاع متل ماهنن الشجعان فعلا!!
– يعني ما كان موقف استثنائي كان موقف شبيه بموقف كل أبناء جيلي.. (الموت ولا المذلة) كل السورين كان عندهم نفس الموقف.. كان خيار لابد منه.. وانا مازلت حتى الان مستعد لنفس الموقف حتى الان بالرغم من خروجي من البلد..
– اعتبرت باحد مقالاتك بأنو البرزخ هوي المصطلح الأنسب لوصف عالم السجون في سوريا.. شو فيك تحكيلنا عن برزخك يلي عشتو بأقبية المخابرات؟
– البرزخ هيي الكلمة الأنسب للتعبير عن عالم السجون في سوريا.. كما انها الكلمة الانسب لوصف سنة 2011 هيي السنة الفاصلة بين الحياة اللي كنا عايشينها وبين حياة الحرية يلي الثورة عطتنا ياها.. بالنسبة للسجن والاعتقال فكمان بيشبه هادا التوصيف.. فجأة بيجي عالم بياخدوك على مكان متل القبر!! ضيق ومعتم وبشع والانسان بيشعر فيه بالعجز الكبير.. كنا على طول نمزح ونقول بالسجن انو بالقبر الملائكة هنن المشرفين على التعذيب ولكن في السجون السورية المشرف على التعذيب هنن الشياطين أنفسهم!!
– كانت الفترة كلها يلي قضيتها بالمنفردة ام انك قضيت فترة أيضا في مهجع جماعي؟- هيك وهيك.. أحيانا في منفردة وأحيانا في مهجع جماعي.. قضيت سجني متنقلاً بين المنفردات والمهاجع الجماعية..
– كتير سجناء سابقين حكو من قبل عن حضور المرأة بذاكرة المعتقل .. حبيبتك كانت تهربلك رسايلها.. وكنت انتا تكتب الها ولأمك من داخل المعتقل.. اديش كانت المراة حاضرة معك جوا؟- أول مرة تم اعتقالي كتبت اسم حبيبتي على جدار المنفردة لاكسرالوحدة واتجاوزها، في المرة الثانية كنت حس انو كل الناس يلي بحبون حاضرين بالاحلام .. بالأغاني.. خصصت أيام لهدول الناس.. يوم لوالدتي يوم لحبيبتي..لما رحت على عدرا شفت العالم يلي هوي مختلف تماما عن الفروع الأمنية.. هونيك في ناس صرلون عشر سنين واكتر.. السجين أحيانا بيحصل على هدول المجلات الرخيصة بين الحين والاخر.. وبعالم الذكورة المطلق يلي عايشينو هدول الناس كانو فعلا يحسو أنو النساء الموجودات بالمجلات هنن ملك لهم..
– حبيبتك بعتتلك بمتن أحد الرسائل مقال لياسين الحاج صالح مو هيك؟..
– صح!!.. كانت كل سبت تزورني وتبعتلي رسالة حب.. وبدأت الرسالة بكلمة حبيبي وانا بحبك وبعدين بمتن الرسالة كتبتلي المقال.. وياسين الحاج صالح اعتبر انو هادا الموقف من اجمل المواقف يلي ممكن تكون حصلت مع واحد من مقالاته..
– كانت تصلك الأخبار انو في ضجة كتير كبيرة حول اعتقالك؟
– اهل القبور الحقيقة لا يسمعون.. والمعتقلين هنن بالحقيقة فعلا أحياء ولكن عايشين حياة القبور.. كانت بس تمطر الدنيي أشعر انو رفقاتي حاسين فيني.. يوم عيد ميلادي اتذكرت والدتي وكيف ممكن عم تحس وابنها موجود بالسجن؟
-اعتقال والدك بوقت لاحق كان الو علاقة بنشاطك كمان؟
– لما طلع والدي من الفرع بعد عشر تيام من اعتقاله .. اتصلت فيه وسألتو: مشاني؟ قلي: أي مشانك!!.. قلتلو: زعلت مني؟ قلي: لا يا حبيبي.. والدي الحقيقة ما الو علاقة.. اعتقاله كان مشاني أنا.. للأسف..
– بكل ثورات الربيع العربي كان للاعلام دور مهم كتير بنقل الاحداث يلي عم تصير ع الارض.. عامر كيف عم تشوف الاعلام يلي عم بيقدموه شباب الثورة ؟
– فجأة اتحول كل الشعب السوري لمراسلين ميدانيين، من خلال التصوير، مراسلة القنوات.. أي ختيار بأبعد ضيعة صار بيقلك انو حاكيني ضروري ع السكايب.. بوقت لاحق اتطور الأمر وصار في أفلام احترافية كان أولها 23دقيقة للثورة .. بعدين شعرو الشباب انو صار في حاجة ليكون في اعلام للثورة.. طلعت الصحف والراديوهات 1+1 وراديو بداية جديدة ومؤسسة الشارع وغيرون.. الثورة غيرت وجه المجتمع السوري بالعموم وخلقت ملامح جديدة للأعلام الممكن يكون موجود لاحقاً.. حاليا الصحفيين السوريين أوجدو رابطة الصحفيين السوريين ويلي هيي مؤسسة بديلة عن اتحاد الصحفيين السوريين الخاضع للنظام..
– عامر تحكيلنا شوي عن مؤسسة الشارع يلي كنت احد مؤسسيها؟
– كان في حاجة لأنو نشتغل مواد الى جانب الأخبار الاعتيادية يلي عم تطلع.. كنا مجموعة صحفيين وقررنا نشتغل أفلام ومواد.. طلعنا وصورنا بحماه أول فيلم عن الثورة حمل اسم 32دقيقة من الثورة وقمنا بسلسلة مقابلات مع أهم المعارضين الموجودين بالداخل السوري.. كان أهمها مقابلة مع مشعل التمو قبل وفاته.. كل الشغل كان ينشغل بجو كتير سري.. اعتقل أغلب كادر (الشارع) ورجعنا طلعنا وبلشنا نشتغل من جديد.. عم نشتغل على وثائقيات وأفلام قصيرة وتقاير..
– الأصوات الراديكالية عم تعلى يوم بعد يوم.. وصوت الرصاص اعلى دائما من صرير القلم.. انتابك هداك الهاجس يلي بيخليك تحس أنك ممكن ما تشبه هالثورة يوما ما؟ انك تكون بعيد عن أحلامها؟؟ انك تحس بالخذلان بشكل من الأشكال؟
– الثورة للكل!!.. من حق كل السوريين ان كانو اسلاميين او علمانيين أن يكونو جزء من الثورة.. نحنا عملنا الثورة لنوقف بوجه الصوت الواحد والوجه الواحد.. ولا مرة شعرت بالخذلان او اليأس لانو أنا ابن هي الثورة.. أنا الحقيقة متفائل جداً..
– سوريا بعد الثورة .. اديش برأيك ممكن تشبه سوريا يلي انت حلمت فيها؟
– مافي شي سهل.. سوريا ما رح تصير بمجرد الأحلام انما رح تصير بالشغل.. ونحنا مستعدين نشتغل لاخر نفس.
– عم تفكر من هلأ بالمشاريع يلي ممكن تشتغل عليها بعد الثورة؟- في الحقيقة ونحنا بالسجن كنا نرسم المشاريع يلي ناويين نشتغل عليها خلال الثورة وبعد الثورة.. وواحد من هي المشاريع يلي كانت نتاج السجن هيي احتفالية الشارع.. كنا نضحك ونقول على طول ظز فيهم.. – رفقاتك يلي بالمعتقل شو حابب تحكي عنهم أو تخبرهم شي.. ؟
– كتبت منذ ايام أني فخخت غرفة نومي بصورهم.. لأنهم شركاء الأحلام.. وعدتهم اني رح موت وما رح انساهم ورح ارجع لعندهم .. انا طلعت برات البلد حتى رمم روحي وجسدي ولكن انا بوعدهم اني ارجع بأقرب فرصة.. بوعدهم اني رح ضل مستمر.. تم اعتقال اصدقائي شادي ابو فخر وعاصم حمشو ورودي قبلهم.. وبوعدهم انو رح تتحقق كل الاحلام يلي عم نشتغل عليها الان..
عامر مطر.. مسّته الثورة فصار اغنية لا تكسر.. عامر مطر شكرا لأنك كنت معنا اليوم
الحرية الك وإلي ولكل السوريين بكل الدنيية…