يامن الشامي
——————–
عندما قررت البارحة أن أذهب إلى حي الميدان في دمشق لم أكن أعلم كيف أصل إلى هناك ، ولا مع من أتكلم ، دفعني رغبتي الجامحة أن أحضر تشييع طفلتين لم يكن لهما ذنب سوى أنهما سوريتان.
هذا أقل من الواجب ..
ما حصل أنه أرسل لي أحد الأشخاص من دمشق ، سمع أنني قادم رسالة إلى صفحتي على الفيسبوك حذرني فيها من بعض الأمور ، ونبهني إلى أمور أخرى ..
ولحتى يكون حكيي أقرب إلكون رح أحكي بالعامية ، ومرة تانية عالسبحانية يعني مارح راجع كلامي ..
المهم كانت الوصية الأولى ..
(( ازا اضطريت واركبت تكسي لا تخبرو انك من حمص “بكرا بالذات” ))
وفعلاً هاد اللي صار .. كم القوات الأمنية كانت كبيرة جداً .. بدأ الأدرينالين بالتدفق غزيراً إلى أورتدي .. حسب الوصية الثانية :(( فوت بدخلة ( كذا ) بعد مركز الـ ** ))
وفعلاً طول ماني ماشي كنت عم اقرا (( وجعلنا من بين أيديهم سداً و من خلفهم سداً ))
الشي اللي جنني .. أنو ماني حاسس حالي عم ارتكب ذنب .. يعني رايح شارك بجنازة .. بس ليش هيك حسيت حالي مابعرف .. ههه
المهم لقيت فرن اسمو (( الحمامي )) حسيت حالي رح ضيع .. قللي اللي بعتلي الوصايا .. اسآل أي شخص وين الجامع .. وبس قلو انك من حمص .. وشوف .. بس انتبه على ايديه لانو في منون بيكونوا مندسين لا يكون حامل شي ..
قلت بقلبي أضمن شي حكي واحد ختيار .. وفعلا دلني وين الجامع ..
وقت صرت بالميدان .. صراحة حسيت حالي بحمص .. طبعا لانو عرفان حالي بدي احكيلكون فصرت دقق عالتفاصيل .. في شباب صاروا يتطلعوا عليي لقوني غريب الظاهر .. ومشان يرتاحوا أنا قربت لعندن .. قلتلون أنا جاي من حمص .. خص نص .. لشارك بالتشييع..
(( دخييل ربببك ، الله محيييييك )) هيكي قالوا وضموني .. قلوا لواحد من الشباب يللي حاطين لفحة ع وجهو .. خليك معو ..وفرجيه ..
بالتشييع .. اخدني الشب ع الساحة اللي تجمعت فيها العالم .. شغلة فووووووووووق الوصف قديش في عالم .. قلتلو خدني عمكان عالي شوي .. كان في سيارة سودي مدري ليش حاطينها هنيك ..خلاني وقف عليها .. وشفت .. منظر فوق الخيال .. آلاف من المشيعيين المتظاهرين ..
لوهلة .. حسيت بنقمة كبيرة على كل شخص كان يحكي على الشام بعد هيك منظر ..
وخص نص وقت صاروا يهتفوا (( ويا حمص حنا معاكي للموت ..))
اتطلع فيي هاد الشب الشامي .. وقت صاروا يهتفوا لحمص .. للساروت ..
يعني شو متخيلين يكون موقفي .. دموع عم تهر لحالها .. هيكي لحالها ..
ماعاد بدي شي من الدنيا .. وهني عم يقولوا : واحد واحد واحد ، الشعب السوري واحد
وهني عم يهتفوا لدوما ..
طبعاً كانت الوصية التالتة أنو ما طول كتير ، لأنه بلش ضرب قنابل صوتية أول شي ..
وبعدين بلش ضرب رصاص ..
طبعا هلاء حسيت شوي بالامان وقت في شب ميداني استلمني .. لك صحي لا بعرفو .. ولا بحياتي شفتو .. بس حسيت أنو أمان .. قللي ما تاكل هم .. صار ما صار ..دق أي بيت وفوت عليه .. لبين ما تهدى شوي .. بيت كل شامي هوي بيت للحماصنة ..
كان الشب بدوار العشرين .. حسيتو بدوار الاربعين .. حازم .. عرفان شو عم يعمل .. حاسس معو أمانة ..
لحظات كانت عصيبة جدا .. طلب مني الشب إبقى أطول .. بس قلتلو ما خرج لازم انزل ع حمص .. مشان ما أتأخر ..
طلبت منه طلب .. طالعت ورقتين بيض .. كتبت على كل وحدة .. (( بنتك هيي حمص ، وحمص ما ماتت ولا رح تموت ))
و أمنته يوصل كل ورقة لأبو كل شهيدة ..
فوتني بطرقات متعرجة .. وصلني لمحل .. قلي روح عالسريع من هون ..لأنو الامور الظاهر متوترة ..
هلاء ضمن إمكانيات الكلام ، وضمن الظروف ، هادا اللي بقدر خبركم عليه ..
ومشان أحكي الصح .. بنص الزيارة مدري كيف خطرت عبالي الطفلة ساندرا الحسن .. .. ساندرا يللي راحت بأعمال طائفية بحمص .. .. ياريت كنت بعرف وقتها وين وكيف الجنازة لحتما كنت رحت ..
الطفولة ما بتنتمي لفئة .. بتنتمي للانسانية كلها ..
و آخر شي رح قلكم شغلة مهمة ..
عنجد … واحد واحد واحد .. الشعب السوري واحد ..
و كنت قول .. للمتشائم .. تعى شررف ع حمص خود تفاؤل .. هلاء بقللو روح عالشااام و عبي تفاؤل ..
ونيالك علينا يا وطن