A ALH
سقف الوطن, الكلمة التي ما فتئ يرددها أتباع النظام لتكون باعتبارهم المفتاح الذي يبدأ و ينتهي عنده الحديث, و عند هذا الاعتبار يسوقون لك المعاني و التوضيحات التي تدعم موقفهم, حيث اختلطت لدى الكثير منهم المفاهيم, فصار الوطن هو النظام ثم اختزلوا النظام بالشخص ليتحول الشخص إلى وطن .
ثم يلي ذلك الحديث عن ” الجيش الوطني “فاذا ابتعدت عن أنصار الحكم في دمشق, و اتجهت صوب ما يطلق عليه ” المعارضة السورية ” فلا زال هناك البعض الذين يتحدثون عن الجيش السوري التابع للنظام على أنه جيش الوطن وأن هذه الاسلحة المكدسة لديه بالأسلحة التي يُفترض فيها الدفاع عن الشعب السوري.
والحقيقة المجردة التي يجب الركون لها لنطمئن لما يحصل اليوم, أن هذا الجيش و منذ اللحظة التي تأسس فيها, من النواة كجيش المشرق, لم يعدُ سوى أن يكون الوسيلة لتحطيم الارادة الشعبية و الاداة التي يتم قهر الشعب بها, فأرقام الضحايا من السوريين ناهيك عن العرب و التي أولغ فيها هذا الجيش تُعد بمئات الألوف, كما أن أي مراقبٍ حصيف ٍ يستطيع أن يدرك أن هذا الجيش لم يُصمم بالتأكيد لقتال أي عدوٍ خارجيٍ, بل صُمم لقتل المدنيين العُزل الابرياء, و أن كل هذه الترسانة لا قيمة لها في أي حربٍ حقيقية ليس مع اسرائيل, بل حتى مع الجيش الاردني و التاريخ يشهد!
تذكروا ان هذه المصطلحات الجوفاء مثل ” الوطنية ” و ” القومية ” و ” التعايش ” و ” اللاطائفية ” هي الرموز الظاهرة للسيطرة الباطنة من قبل العصابة الحاكمة و القضاء على السيطرة الخفية يقتضي بالضرورة كشف الاوهام التي تنشرها هذه السلطة واعادة الاعتبار للحقيقة القاسية كأساس يبُنى عليه ,و تذكروا أن الأوهام لا تُطعم خبزاً ولا تبني وطناً!
ان عجلة التاريخ لا تعرف الاتجاهات ففي سيرها المضطرد نحو الامام قد تدور بك أحياناً نحو الخلف, و الحقيقة ان التاريخ نفسه لا يعرف تقدماً و لا تراجعاً فهو كالنهر المندفع و البشر بين من يسبح فيه و من يجرفه التيار ومن يصنع مجرىً لهذه المياه , و ان كانت الغالبية من البشر لا تعدو أن تكون متفرجة ً على الضفاف !
اليوم في سوريا حيث الموضوع هو الانسان,و الانسان هنا يعني المنظومة الاخلاقية الكاملة ” وتعني كل التجربة التي تؤدي إلى القدرة الانسانية على الاستمرار”و لا ننسى أن هذا الانسان بقيمه و بكيانه المجرد يتعرض للتهديد الوجودي من قبل القوى القادمة من انسان الكهف والجبل, و الذي لن يطمئن الا بتدمير أي منجزِ انساني و فكريِ بمعنى القضاء على الوطن الموجود, في حين أن الانسان نفسه و الذي يحاول البقاء في هذا الوسط المعادي حيث كل التجارب التي يعيشها جديدة من حيث التفكير و السلوك وحيث لم يترسخ في أذهان الكثيرين بعد تصور الحتمية والمآل.
ان الوطن و بالتالي الوطنية بالتأكيد ليست الا البيئة التي تمنح الانسان الظرف الطبيعي للحياة ولتنمية هذه الحياة, ان الوطن وبالتالي الوطنية لا تعني اطلاقاً التدمير الذاتي الشامل تحت أي اعتبار, ان الوطن في الحقيقة هو الفكرة الواقعية عن ” الطريق إلى المستقبل ”
و لقد صدق الفيلسوف الانجليزي صمويل جونسون حين قال “إن الوطنية هي المأوى الأخير لكل وغد”