من منطق القوة ، يحق لمن يملك السلاح أن يستولى على السلطة ، و أن يطبق قانونة الخاص ، و أن يقمع معارضية.. و لكن منطق القوة أيضا ، يعطى الحق لأى طرف أخر أن يملك السلاح ، و أن ينازع الطرف الأول على هذة السلطة ، و عندها يتساقط القتلى من هنا و هناك ، بل و يتساقط القتلى ممن هم ليسوا طرفا فى هذا النزاع.
و يبقى فى النهاية البقاء للأقوى.
الخدعة هنا تكمن فى أن القوة لا تبقى لمتكبر و لا لمغرور ، الكبر و القوة لا يتفقان ، يتنافران.. القوة تنحاز دائما الى طرف دون الباقين ، حتى تمكن لة و تنصرة و تملئة نشوة و غرورا ، فيرتكب بغرورة ما يجب أن يحاسب علية ، فتتخلى عنة القوة فجأة و تتركة وحيدا ، ضعيفا ، عاريا ، يتهاوى و هو غير مصدقا لما يحدث لة و قد كان القوى الذى لا يقدر علية أحد.
و يستمر الصراع ، و يتوالى سقوط القتلى من كل الاطراف ، ولكن اغلب الضحاية يكونوا من هؤلاء الأكثرية الذين لم يكونوا يوما طرفا فى النزاع ، هؤلاء الذين لم تنحاز اليهم القوة فى يوم من الأيام ، هؤلاء هم .. الضعفاء.
يسمونهم الضعفاء لأنهم يخشون القوة ، لأنهم لم يطلبوا يوما أن يملكوا القوة ، لأن القوة لا تذهب الا لمن يطلبها ، لمن يعشقها ، لمن يروضها و يملكها.. لكنهم ضعفاء.
أطمئنوا للضعف و أعتادوا علية ، و لم يعرفوا شيئا سواة ، حتى أنة لم يصبح فى قواميسهم كلمة غيرة.
هم ليسوا طامعين فى سلطة أو منصب ، هم لا يريدون سوى السكينة و العيش فى سلام ، فماذا سيفعلون بالقوة؟
أنهم يكرهون القوة و الاقوياء ، يشاهدون الصراع الدائر حولهم بخوف و ترقب ، و كلما اقتربت منهم القوة دفعوها بأطراف أصابعهم بعيدا حتى لا تأتى اليهم.. أنهم يكرهونها.
و يتساقط منهم القتلى ، بلا ذنب سوى.. أنهم ضعفاء.
الم يفكروا يوما فى أن يملكوا القوة ليعيشوا ، الم يفكروا يوما فى ان يكونوا طرفا فى الصراع ، بل أن يوقفوا هذا الصراع. لو أنهم ملكوا القوة لأغضعوها بين أيديهم ، لو أنهم ملكوها ما تركتهم.
يتعللون.. أنهم ليسوا هؤلاء الذين يريدون السلطة ، و لأنهم لا يريدون السلطة ، لا يريدون القوة.
الم يفكروا يوما أن يملكوا القوة ، و يضعوا من يشاءون فى السلطة؟
…
لكنهم عاشوا و ماتوا و هم ضعفاء.
عماد منيب