منذ نشأته في سراديب المخابرات السورية والحرس الثوري اﻹيراني عام 1982، اتبع “حزب الله” خطاً بيانياً لا يحيد عنه هو الولاء للولي الفقيه أياً تكن الظروف واحتياجات بيئته الشيعية واللبنانية.
في عام 1982 حين اقتضت مصلحة اﻷسد اﻷب وٳيران طرد القوات الدولية التي أتت لحماية اللبنانيين بعد انسحاب الجيش اﻹسرائيلي، هاجم زبانية الحزب هذه القوات ذاتها التي أتت لحماية لبنان!
يطول الشرح وتفصيل المواقف التي اتخذها الحزب ضد مصلحة لبنان والشيعة فيه من مقاومة غوغائية تزعج ٳسرائيل كلما احتاج الولي الفقيه لتذكير هذه اﻷخيرة بمصالحه ولو عبر تدمير لبنان بما ومن فيه، مرورا بمهزلة “الانتصار اﻹلهي” الذي دمر لبنان مجاناً عام 2006 بعد اغتيال الحريري الذي كان عقبة في طريق المشروع اﻷسدي اﻹيراني وانتهاء باجتياح بيروت لتحريرها من البيروتيين في السابع من أيار 2008.
كذلك، حين ينخرط الحزب حتى الركب في الدم السوري تنفيذاً ﻷوامر الولي الفقيه بغطاء ٳسرائيلي وتفهم أمريكي فهو يضع مصالح لبنان والشيعة خصوصاً في الخليج مهب الرياح “كرمى لعيون المرشد”.
حزب “نصر الله” الذي أعدم الشاب “هاشم السلمان” بدم بارد لمجرد اختلافه معه في الرأي بعدما اغتال العديد من اﻷقلام والمفكرين الذين فضحوا ارتهان الحزب للخارج وسياسته غير المسؤولة يسير على ذات الطريق التي سبقه ٳليها مخترع مصطلح “الصمود والتصدي” حافظ اﻷسد.
في كل خطوات حزب “نصر الله” التكتيكية نجد نفس الوصفة التي استعملها، وبنجاح منقطع النظير، أفّاق المقاومة والممانعة اﻷول، حافظ اﻷسد الذي اخترع المقاومة دون أن يقاوم والممانعة “المسايرة” التي تسر العدو وتغضب الصديق.
بالفعل، يمكن تشبيه المرحلة التي عاشها لبنان حتى حرب 2006 بمرحلة تأسيس الدولة اﻷسدية وحشد الطائفة العلوية وراء “دجّال المقاومة” عبر عصابات تأخذ شكل دولة واستجرار الشرعية عبر التحرش بالعدو الصهيوني “على الخفيف” بعد ٳزاحة كل مقاومة جدية وكل فكر مستنير بحيث لايبقى سوى الخيار “الحربجي” والبلطجي على سنة الحزب المقاوم.
اغتيال الشهيد “رفيق الحريري” هو “جريمة تصحيحية” مثل انقلاب اﻷسد اﻷب، استفرد بعدها زعران “نصر الله” بالقرار اللبناني في ظل تواطؤ دولي وبقي الحصول على أوراق الاعتماد من قبل “العدو الصهيوني” وهو ما حصل في مهزلة حرب 2006 التي أدمت اللبنانيين وبالكاد عكرت صفو الدولة العبرية. المهم أن الهزيمة العسكرية والاستراتيجية المدوية للحزب تم تدويرها على شكل “انتصار ٳلهي” مؤداه اعتراف ٳسرائيل بحزب “نصر الله” كوكيل لها على التراب اللبناني وكحارس لحدودها.
تماماً كما كان “انتصار” حرب تشرين “التحريرية” واتفاق فصل القوات الذي تبعها بوابة لكي تحتل عصابة اﻷسد كل سوريا لصالح الخارج، استفاد حزب “نصر الله” من وقف ٳطلاق النار ووجود القوات الدولية لكي يحتل كامل لبنان بذات الحجة التي استعملها اﻷسد قبله : “المقاومة والممانعة”.
حين يقتل زبانية “نصر الله” اللبنانيين بما فيهم شبان الشيعة الذين يرفضون الخضوع ﻹملاءات الحزب ويجاهرون برأيهم، فهم لايفعلون سوى التشبه بمثالهم اﻷسدي الذي قلع أظافر أطفال درعا قبل أن يغتال السوريين بالجملة والمفرق…
صحيح أن “دكاكين” الممانعة ليست محصورة باﻷسد وبحزب “نصر الله” بدلالة دكان المقاومة في غزة ﻷصحابه من “حماس” والجهاد اﻹسلامي” لكن زبانية “نصر الله” جعلوا “ممانعتهم” ترقى ٳلى مستوى غير مسبوق، فهم وحدهم من جاهروا بشعار أن الطريق لتحرير القدس تمر بالقصير…
أحمد الشامي – فرنسا
ahmadshami29@yahoo.com
http://www.elaphblog.com/shamblog