فادية مواطنة سورية من دمشق تعمل في مؤسسة حكومية تتبع أنظمة الدولة, و تشترك معها في الغرفة المكتبية زميل من ريف دمشق و زميلتان من مدن ساحلية, تتكلّمان في معظم حديثهما عن الاوضاع الداخلية و المخربين و المندسين و كيفية وأد الفتنة, بدأت نسرين بالحديث مع صديقتها الثالثة عن درعا و همجية أهلها و (عدم شبعهم) بالاصلاحات المقدّمة مهما كانت, و قالت “ياريتا مو بسوريا اصلاً هادي من قرى الاردن”, ثم عبرت الثالثة عن وجوب “سحق” كل متظاهر بأي وسيلة للحفاظ على أمن البلد و خفة دم رئيس البلد…
و بعد حديثٍ طويل التفتتا إلى فادية التي انزوت مع رأيها و صور مكتبها لا تشارك بهزّة رأس او نظرات استماع, قالت نسرين لها
و بلهجة مزح بجد:
“انتو يا فرحة قلبكون الشوام بهاليوم, بس معلش رح نضل قٍيعدين على قلبكون هون, ما شبعتو من الشام؟ صار دورنا نحنا ناخد فيجتها” , فنظرت اليها فادية نظرةً حيادية رغم كلامهم الاستفزازي معها و مع بعضهم البعض, و دون اعطاء اي فكرة او لمسة أو حرف مذكور ذهبت لتغسل وجهها المحمرّ.
انتهى الدوام, خرجت فادية من المؤسسة لتدخل بعدها المنزل و تنام لتستيقظ ليلاً مع صوت مذيع قناة الجزيرة التي كان أخيها يحاول الاتصال بها للمشاركة برأيه الخاص, و بعد محاولات عديدة من الاخ نجح بالاتصال و طٌلب منه الانتظار كي يتم تحويله إلى الهواء, نظرت فادية إلى اخيها و طلبت منه بكل هدوء طلباً استغربه, و هو أن تتكلّم هي على الهواء دوناً عنه, فوافق بغرابة و أخذت السماعة لتهمس بأذن الملايين:
“سيدي المذيع, إن الشعب السوري و رغم الشتات الذي يفرّقه اليوم لأطراف عديدة منها الواضح و الغامض لا يمكننا إلا أن نقول أنها بالنهاية سورية, و سورية اليوم لا تشهد حرباً طائفيةً نيرانها من جبهة واحدة على الاطلاق, بل إنّ الشعب السوري لا تفرّقه طائفة ولا عرقية أو حتى قبلية عشائرية, الشعب السوري و إن أخطئ اليوم حساباته و رأيه و مواقفه, فإنّه سيعلم مع الزمن أن سورية فوق الجميع و فوق أي شخص, و الشعب السوري واحد, واحد واحد واحد”
هؤلاء هم أهل دمشق في ظل الثورة..
.