أليكسي الفلاني
———————
لعل تحويل المادة الثالثة في دستور سوريا القادمة إلى العنوان أعلاه، قد يرضي بعض الناشطين، إن معركة النخب الثورية الشبابية الداخلية التي نشبت مع أولى بذور تبلور الثورة (المجلس الوطني – هيئة التنسيق) واستمرت مع تحول الجيش الحر لقوة فاعلة على الأرض (سلمية – مسلحة) قد تبلورت وظهرت جلية في مناكفات شبابية لعل كبار المعارضين في غفلة عنها كلوبيات التأثير على أسماء الجمع، ولوبيات محاربة الفكر الإسلامي والتمرد على منظومة القيم الأخلاقية للمجتمع التي تأججت الثورة نتيجة مهاجمتها (اعتقال أطفال – إهانة شيوخ عشائر – انتهاك كرامة رجال – تعدي على نساء).
المعركة السابقة هي بين النخب والنخب فقط، أما الشارع الثائر فمن الجلي والواضح من هو المسيطر وبالإمكان الإثبات عن طريق الهتافات واللافتات ومراسلي الداخل ومعونات الخارج، تلك الأمور التي تبرر في الخطابات الداخلية لليبراليين إن صحت التسمية بتخلف المجتمع ولو بعبارات أخف وطأة وخصوصاً أن ثورتنا ثورة مجتمع وتمثيل لهذا المجتمع.
من أكثر الجمل تكراراً على مسمعي عند انتقاد أي من تجليات الفكر الليبرالي على الثورة، أنها ثورة الحرية والتحرر ويجب أن نكون أحراراً من كل عقد الماضي، وكأن الليبرالية تعني مفهوم الحرية المطلق وليست عبارة عن فكر إنساني فلسفي يحتمل الخطأ ويستحق النقد، وناقده لديهم يخالف العقل والمنطق ومفاهيم مثالية كالحرية، وفي المقابل يحق لمعتنق الحرية الليبرالية انتقاد أي فكر سماوي أو انساني لأنه يمثل برأيه قيمة، فأصبح لدينا دين جديد، علي على النقد والتطوير، متفوقاً بذلك على دوغماتية الأديان السماوية والخصم الأكبر وهو الفكر الإسلامي، الذي يقول فيه الإمام الشافعي: “قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب”، بينما ليبراليو شباب الربيع العربي فقد خلطو مفهوم الحرية الذي لا يختلف حوله اثنان، وبين تفسيره الذي هو محل الخلاف والنقد، وأصبح لديهم من الاستعلاء والتعصب أضعاف ما لدى المتطرفين المتدينين،
علينا التحرر من الفكرة النمطية للدين والمتدين والإسلام والإسلامي التي حاولت الأنظمة المتساقطة تسويقها لعقود عن طريق أشخاص يعرفون في الفكر الإسلامي بعلماء السلطان، وعلينا التحرر من الانقياد الأعمى والتقليد الأعمى للدين ولغيره من الأفكار والفلسفات الوضعية كالليبرالية والعلمانية والقومية.
يقول ديغول في أحد خطاباته محذراً بعض كبار المثقفين أمثال “سارتر” ورفيقته “دوبوفوار” من ضمن من تقاعسوا عن الانضمام إلى المقاومة، من مغبة المضاربات الكلامية الجوفاء اللامجدية إبان الهجمة النازية قائلا: “إن المثقف الجاهل لتاريخ بلده لا يمكنه إلا ان يرتكب الأخطاء الفادحة في حق وطنه كلما فتح فاه أو تحرك”. من الجدير بالذكر أن سارتر ودوبوفوار لم يكونا يؤمنان بعقد الزواج المكتوب ولا بالإخلاص الجنسي وكانا يؤمنان بالمساواة بينهما في كل شيء، وسارتر من فلاسفة الليبرالية الحديثة ويقول أن الحرية تبدأ بالانعتاق من الماضي ومن مؤسسي الوجودية التي لا تؤمن بوجود إله أو دين أو قيم ثابتة للمجتمع.
الثورة هي تغيير في المجتمع، ويبدأ في القناعات (حاجز الخوف كمثال) التي تؤثر على تكون الفكر والمشاعر المحرك الرئيسي للسلوك (المظاهرة كمثال) ولعل تأخر انتصار ثورتنا بسبب قناعات مسبقة عن بعضنا البعض وحكم بالنوايا يمنعنا من التوحد لتحقيق الهدف الرئيسي للثورة وهو اسقاط النظام الظالم المجرم لنحكم بالعدل، وفي حال انهار النظام المتغلغل في الدولة قبل أن ننتهي من تغيير هذه القناعات المغلوطة فسندخل في حالة من الفوضى يصعب معها إيجاد عوامل مشتركة تحفظ المجتمع من الفوضى والانهيار لنعود لفكرة الحكم للمتغلب والقوي مع بعض التعديلات.
تعليقان
ثقافة الهزيمة .. أولاد البطة السوداء
بينما أنهمكت في أستراحة أحدي الحدائق ألوك شطيرة وقد أقتربت من نصفها تقريباً وبين ثنايا أصابعي أستقرت علبة عصير صغيرة، حتى لاحت أمامي طفلة لا تتجاوز 40 بوصة طولاً وأقل من 50 كجم وزناً، ويبدو من نظرتها إلى ما في يدي وحالة الإعياء التي تبدو عليها أنها لم تتناول شيئاً منذ الصباح، سألتها عن أسمها فأجابت ببراءة وعلى أستحياء شديد “زينب”.
ناولتها بقية الشطيرة – وتمنيت أن لو كانت كاملة – ومنحتها علبة العصير، وسألتها هل تحفظ شيئاً من القرآن فأومأت برأسها إيجاباً، وأخبرتني أنها تحفظ سورة الفاتحة، سألتها هل تصلي فابتسمت وأطرقت خجلاً بالنفي، فتشت جيب معطفي وناولتها أحد الجنيهات المتدثرة من البرد، فأطبقت أصابعها عليه وكأنما تتناوله من أبيها الذي لا أعرف إن كان حياً فيرعاها أو ميتاً فخرجت تأكل من خشاش الأرض ….
لمزيد من التفاصيل أذهب إلى مجموعة مقالات ثقافة الهزيمة (بقلم غريب المنسى) بالرابط التالى http://www.ouregypt.us
تنبيه: دين رئيس الدولة الإسلام ويمنع إنتقاد الفكر الليبرالي « مختارات من الثورة السورية