محمد حسن السوري
——————————-
وصل باص الرحلة إلى حمص ،على مشارفها ظهرت لافتة ضخمة كتب عليها (حمص عاصمة الثورة ترحب بكم)
في الأسبوع الماضي زرنا القنيطرة وشاهدنا ما حل بها من خراب،واليوم نزور بابا عمرو وذلك للمقارنة بمناسبة الذكرى الخمسين لعيد الحرية فنحن عام 2062.
تقدم الباص في مدينة ابن الوليد وقلوبنا خاشعة وكأننا في الحرم ،وصل الباص إلى (دوار أبو موزي) ، ذكر السائق لنا أن صنما للحاكم كان هنا،انفجر الجميع بالضحك : غريب ! صنم للحاكم؟ ،أضاف لقد كلف الملايين ،والثوار باعوا حطامه واشتروا خبزا للجائعين ، نحن حاليا لم نر صنما، بل لاحظنا وجود نصب على شكل موزة أو هلال ضخم تخرج منه أنوار وأشعة مبهجة ترمز لنور الحرية ،دققت في الهلال ، كان يحتوي على أسماء متراصة كتبت بأحرف حمراء لآلاف الشهداء كل حسب حيه أو بلدته .
تابعنا السير، وعند مفترق الطرق عند (مبنى التربية) ظهر بوضوح سهم أرجواني يشير إلى بابا عمرو.
وعند مشارف الحي وجدنا لافتة كتب عليها (أرض البطولات بابا عمرو ترحب بكم )
استقبلنا الدليل ودخل معنا إلى الحي وبدأ بالشرح رأيتم الأبنية والعمران الحضاري الذي تنعم به سوريا ولكن هذه المحمية التاريخية تركوها كي لا ننسى : تأملوا معي ، ذاك هو الملعب،ومن هنا إلى جوبر كل هذه الأراض السوداء كانت مزارع خضراء كالجنة حرقها المجرمون بما فيها من ماشية فأصبحت رمادا ،وهنا كانت توجد حارة الحاكورة وبجانبها شارع عامر يغص بالحركة قصفوه بالقذائف على من فيه فإصبح أثرا وتلالا من الأنقاض، هنا كانت مرابض الدبابات التي تقصف الحي.
هذه الأحجار الحمراء صبغت بدم عائلة كاملة ذبحت مع أطفالها، لاحظوا هذ المكان، منه كان الشبيحة والضباط يحملون المسروقات التي بقيت سليمة .
ـ يا الله ماهذا؟!
ـ الدليل : هذا الشارع وذاك ليس من مخلفات القنبلة الذرية على هيروشيما إنه في سوريا بيد عصابة متوحشة (ويا للعار) كانت تحكمها.
تعالوا إلى هذه الساحة ، لا تظنوها مصبوغة بأصبغة صناعية ،إنه دم الأحرار والفتية الذين أعدموا هنا لقد أخرج الطغاة كل فتى وأعدموه لا لشيء إلا لأنهم وجدوه في الحي ،وما دام في الحي فهو من محبي الحرية وكارهي الطاغية.
أما هنا فهذا ركام مسجد ،انظروا رأس المئذنة التي تبرز من الأنقاض ،هذا المنظر لم يصطنع من أجل فيلم للرعب أو لفيلم نهاية العالم ،بل هو حقيقة كما ترون .
ـ تابع الدليل : بابا عمرو ـ يا أصدقائي ـ دمرت فوق أصحابها ، أما القنيطرة التي زرتموها فقد دمرت وهي خالية ،حتى في فلسطين ، فإنه تأتي قوة الاحتلال وتخرج الناس من المنزل قبل تدميره.
– بابا عمرو دمرها جيش يفترض أنه حامي الوطن لأن سلاحه ورواتبه نحن الذين دفعناها وتحملنا شظف العيش لبناءه كي يذود عنا عند الحاجة، أما القنيطرة فدمرها العدو
– بابا عمرو لم يرتو المجرمون من التدمير فوق رؤوس أصحابها بل أعدموا من بقي منهم حيا ،ولكن في القنيطرة لم تجر إعدامات واغتصابات،لم تكن هناك دماء صبغت الأرض والجدران ،لم يكن هناك رقص على الجثث.
وجوم ساد الوجوه ولسان حالهم يقول قد ننسى جرائم اليهود والتتار ولا ننسى جرائم هؤلاء الوحوش.