عزيزي المجلس الانتقالي:
لم أتابع أخبارك بشغف كما تابعت أخبار المجالس التي سبقتك، ولم أحاول أن أتابع تصريحات الآخرين كي لا أقع في دوامة من يمثل من، ولكن كما سمعت عنك يقولون أنك استطعت أن توحد معظم المعارضة – الخارجية على الأقل – ولن نضطر أن نتفرج عليكم بعد اليوم تتشاجرون على شكل بلدٍ لم يسقط نظامه المستبد بعد، وإذا افترضنا أنكِ بالفعل ستكون البديل القادم عن هذا النظام فعليكَ أن تعلم بضعة أشياءٍ لن تتمكن من كسبِ ثقتنا دونها، وتذكر أن الاعتراف الدولي كله “حقو فرنك مصدي” إذا لم يعترف بكَ الشعب السوري.
عليكَ أولاً أن تتأكد من أن الطائفية لن تتسرب إلى بلدنا، وأن تقف بحزم أكثر من حزم النظام نفسه في وجه كل حدثٍ طائفي مهما صغر، وإذا كان الأخوان المسلمون – للأسف – موجودون في هذا المجلس عليكَ أن تعدنا بأنهم لن يسمحوا للإسلام السياسي بما يحمله من تمييزٍ وإقصاء بالتسرب إلى شكل دولتنا الغالية بعد سقوط النظام.
ثانياً، عزيزي المجلس، الكثيرون منا رفعوا السلاح، والأمر لم يعد سراً، ولكن يجب عليكَ أن تراقب هؤولاء بنفس الإصرار الذي تراقب به من يحملون السلاح من أنصار النظام، عليكَ أن تعدني بأن من يحمل السلاح باسم الشعب السوري سيتعرض للمراقبة والمساءلة والمحاسبة وأنك لن تسمح لهم بتطبيق مبدأ “الغاية تبرر الوسيلة” وارتكاب الجرائم باسم ما ذهبوا ضحية لجرائم النظام وأعوانه.
ثالثاً أتمنى من كل قلبي أن تقلد المجلس الوطني الانتقالي في تقديمه الضمانات لشعب بعدم الاستيلاء على السلطة، وذلك بقرارٍ حازم من قبل أعضائكَ كالذي اتخذوه بعدم الترشح لأي منصبٍ قبل مرور دورتين انتخابيتين على كل المناصب، وأن يكون ذلك موثقاً بالورق لنتكمن من محاسبتكم عليه في ما بعد.
رابعاً لم نتفاجأ بخروج البعض من المعارضة نفسها ليتهجموا عليكَ ليلاً نهاراً قبل أن تبدأ عملك حتى، فذلك بات معتاداً بالنسبة لنا بعض النماذج الكثيرة التي رأيناها على هذا السلوك خلال أشهر الثورة، عليكَ أن تعلم أن هؤولاء على الرغم من عدم كونهم ضمن البوتقة الكبيرة التي مثلتها ما زالوا معارضين، وما زالوا ممن وقفوا في وجه حمام الدم والتطهير العرقي الذي مارسه النظام، ولن نسمح لكَ أن تفعل كما فعل النظام بمعارضيه بتخوينهم، حتى وإن هم أنفسهم قاموا بتخوينكَ.
خامساً أنا شخصياً كنتُ سعيداً بأن الشخصية التي اختيرت لرئاستك هي برهان غليون، والجانب الذي أسعدني بالذات هو توجهاته العلمانية، لذلك عليكَ أن تحرص ألا تستولي على مسيرة الديمقراطية في سورية كما في مصر جهاتٌ دينية، أياً كان مدى اعتدالها.
سادساً، النظام بالنسبة لنا سيسقط دون أن يكون لدينا هناك احتمالٌ آخر، ولكن عليكَ أن تعلم أنه في اللحظة التي تستلم فيها الحكم مؤقتاً ستكون كل العيون عليكَ، وأننا – من يراقب النظام ويكشف أصغر أخطاءه – سنكون لكَ أنتَ أيضاً بالمرصاد ونكتشف أكبر أخطاءك وأصغرها.
عزيزي المجلس الانتقالي كن حذراً، فأنتَ في حضرة الشعب السوري، أنتَ في حضرة الثورة، في حضرة الدماء التي لم تمانع السيلان ولن تمانع مستقبلاً السيلان من أجل الحرية.
—————————-
باولو الشامي