الإنسان السوري لم يعان في النصف قرن الأخير فقط من طغمة دموية فاسدة أذلته، وصادرت مواطنته فحسب
بل أخطر داء أصيب به هو مخلفات هذه العقود السوداء ألا وهو فقدان الثقة
وهذا الداء الأليم سبَبه أمران أساسيان
هما الرشوة ، وسيطرة فروع المخابرات على حياة الناس … نــاهيك عن الطامة الكبرى وهي الأداة الأشد خبثاً في استعمال شماعة “المقاومة والممانعة” ليصبح أسهل طريقة لإغتيال الإنسان معنوياً وسحقه .. هي تلفيق تهمة الخيانة له
وأشنع مثال على ذلك هي الرواية الرخيصة التي حاولت تسويقها وزارة الخارجية السورية عن المدوّنة الشابة الرقيقة طل الملوحي
التي لا تزال إلى اليوم تقبع في غياهب الموت المحتمل ..تشارك من سنيّ عمرها الغضّ في دفع فاتورة حريتنا
هذا الوباء السوري، ضعف الثقة بين السوريين، جعل من أي انسان مهما بلغت درجة نظافته ونزاهته عرضةً للاتهام من خلال ثنائية
مرتشي – مخبر
أدّى ذلك إلى عدة أمور أذكر بعضها
1
تأخرت بعض المحافظات في الالتحاق بركب الثورة
2
تأخرت الثورة في تشكيل كيان سياسي يمثلها
3
تعرقلت بعض الجهود الخيّرة والصادقة والمخلصة في خدمة الثورة
4
تذرّع المجتمع الدولي بكل هذا للتهرّب من القيام بواجباته الأخلاقية تجاه الجرائم التي يتعرض لها الشعب السوري على يد عصابة إجرام دولي محترفة
على مبدأ المثل القائل “عرج الجمل من شفته”
لا يثق كثيراً من الناس أن ما نحن مقبلين عليه هو دولة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان
بل حتى أن هذه الكلمات تثير سخرية البعض .. من جهة بسبب الصورة السوداوية عن أخيه الإنسان السوري
من جهة أخرى عندما تنشب هنا وهناك، بعض المعارك المجانية الكيدية التي يزاولها من يسمون أنفسهم “معارضين” وينظر الإنسان العادي بعين الشك ولسان حاله يقول أن
“هذه هي الديمقراطية التي تتشدقون بها … وها أنتم تعيدون انتاج أساليب الاستبداد ذاتها بالتمام والكمال؟؟”
بل أن حتى كثيرين لا يناصرون الثورة ليس حباً في بشار الأسد المجرم ولفيفه، ولكن بسبب أنهم ينظرون إلى أن شعبنا: فالج لا تعالج !!”
”
هذه الثورة السورية العظيمة تخلصنا اليوم ليس فقط من كابوس بشار الأسد ولفيفه السقيم
تخلصنا أيضاً من التأثير الأشد سمّية لحكمه وحكم أبيه المجرم
هي أنها تعيد بناء الثقة بين السوريين حتى يتمكنّوا من العمل معاً كما لم يفعلوا منذ نصف قرن
اليوم عشرات التنسيقيات ولدت وترعرت في حضن الثورة .في داخل سورية وخارجها
..
ما يبعث على السعادة حقّاً أنه قبل أن نتحدث عمّا تفجر من إبداع وصدق شديد .. وعن الإقتراحات النبيلة في إعادة بناء ما تهدم
هو أن بناء دور العبادة، والبيوت .. والمرافق العامة … هي أسهل ما يمكننا فعله قبل أن تعيد هذه الثورة النبيلة إعادة تأهيل الإنسان السوري من الناحية المعنوية
هكذا فقط تدب الحياة في سوريا، وتجري في جسدها الجريح دماء نظيفة تعافيها
..
عندما يكون فيها شعباً ينفض عن كاهله عقوداً مريرةً، ويرمم الثقة في أحشائه ثم ينطلق، ليعيد بناء بلده الحبيب
—————
مانيا الخطيب
تعليق واحد
تنبيه: شفاء الآلام السورية . . بقلم: مانيا الخطيب « مختارات من أحداث الثورة السورية