ما كتبته أخت الشهيد هادي الجندي (هالة الجندي ) على صفحته
———————————————————–
عام مر يا أبا الهدى ..
عام مر يا شقيقي الصغير ..
عام مر مذ قررت أن تولد من جديد ..
عام مر على ذلك اليوم الذي رأيتك فيه في مقدمة المتظاهرين وأنت تلوح بقميصك وتهتف بكل قوتك ..”الشعب يريد إسقاط النظام “..
يومها نظرت إلي وأنا أراقبك من الشرفة ..
ولكأنك كنت تعلم أني سأعتب عليك لاستعجالك في نطق هذا الشعار ..
ولكنك نظرت إلي بكل إصرار وقلت بأعلى صوتك ” بدنا نسقطو “..
لم أتمالك دموعي يومها .. وأنا أرى أخي الصغير ولأول مرة .. أراه قد أصبح رجلا .. بعد أن كان مجرد ” أخي الصغير” أو ” الصبي ” كما يحلو لي أن أناديك ..
كم شعرت بالفخر يومها يا أبا الهدى ..
أتذكر جيدا .. حين عدت وطرقت الباب بعد أن انتهيت من المظاهرة .. كيف فتحت لك الباب وكيف عانقتك .. وقد كنت أظن أن لن أراك مجددا ..
لأنني أعلم مدى إجرام هؤلاء القردة والخنازير .. وكنت قد ودعتنا أنا وأمي في الليلة التي تسبقها وقلت لنا ” أنا طالع بكرة .. احتسبوني” .. كم كانت ليلة مؤلمة ..
أتذكر جيدا .. كيف كنت أجلس قبالتك وأنت تروي لي أحداث تلك الجمعة .. كيف بدأ الأمر في مسجد عمر ..
وقتها قلت لي .. أن الناس كانت تنتظر كلمة لكي تنفجر .. أتذكر تشبيهك يومها ..
قلت لي أنهم كمن يقف على حافة مرتفع وينتظر من يدفعه دفعة صغيرة فقط بطرف الإصبع .. ليهوي بكل ثقله .. لكنك ارتقيت يا أبا الهدى ولم تهو ..
وكانت بداية الارتقاء يوم أن نطق ذلك الرجل ” الحربوق ” كما وصفته وقال بصوت بين المرتفع والمنخفض :” فاز ونجا من وحد الله ” فهدرت قبة ومآذن المسجد ب لا إله الا الله ..
ثم بدأتم الزحف إلى ساحة الحرية ..
يومها قلت لي .. يجب أن تغادري البلاد .. لأن صورا التقطت لك وأنت تحمل رصاصهم ..
ومن يومها .. وبعد أن استجبنا لطلبك بالرحيل .. من يومها بدأت حكاية “الشب الأسمر أبو البيجامة السودة” ..
عام مر أيها الأسمر .. على تلك الصرخة التي مازالت تهدر في أذني .. وعلى بريق العينين اللتان كانتا تقدحان شررا كما لم أرهما يوما قط ..
رحمك الله .. وأسكنك فسيح الجنة .. وتقبلك شهيدا ..
يا من رفعت رأس شقيقتك وأمك بك عاليا .. رحمك الله وجزاك كل خير ..
نعم .. بدأ الأمر ب “لا إله إلا الله” وسينتهي بإذن الله بنصر من عنده مؤزر ..
وسأتذكرك يومها يا أبا الهدى ..
سأتذكرك .. عندما نحتفل بالنصر ..
كم ستكون مؤلمة هذه اللحظات يا أخي ..
لا أدري .. هل سأبكي فرحا يومها .. أم سأبكي شوقا لك وحرقة .. لأنك لست موجودا لترى ما غرست يداك .. يا شقيقي الوحيد ..
أسأل الله العلي القدير أن يرحم قلبي من حرقة الذكريات والأمنيات .. والتي ستراودني في ذلك اليوم المرتقب .. يوم الاحتفال بالنصر ..
تعليق واحد
تنبيه: عام مر يا أبا الهدى … « مختارات من أحداث الثورة السورية