هذه القصة ليست من نسج الخيال أو من مجتمع آخر، إنما هي مع عائلتي، او بالأصح مع اخوتي الذين يرغبون حتى هذه اللحظة بتغيير أسمائهم التي عربت كما أسماء القرى والبلدات الكردية في الشمال السوري.
كانت عائلتي من عداد المغضوبين عليهم، ولم نكن نملك اي وثيقة تثبت بأننا قد ولدنا في سوريا، أو أننا من ابناء الشمال السوري، بسبب التجريد من الجنسية عام 1962، فلم نكن نملك اي وثيقة تثبت سوريتنا سوى شهادة المختار المعطاة لكل من جرد من الجنسية السورية، وقد عرف هؤلاء المغضوبين عليهم بـ ( مكتومي القيد ) أي ليس لديهم أي قيود في سجلات النفوس، وهؤلاء ليس لهم أي حقوق وكأنهم غير مولودين، وعائلتي حتى عام 1996 كانت من عداد ( مكتومي القيد ).
عام 1996 وبعد حصولي على الشهادة الإعدادية رفضت مديرية التربية في محافظة الحسكة إعطائي تلك الشهادة لأنني لا أملك أي دليل على وجودي، مما كان لزاما على والدي التقدم بأوراقه ودفع الكثير من الرشاوي حتى يرتقي إلى مستوى أفضل ويصبح من أجانب محافظة الحسكة ويحصل على البطاقة الحمراء الخاصة بتلك الشريحة.
بالفعل تقدمنا بتلك الأوراق إلى الجهات المختصة حتى نحصل على درجة الارتقاء إلى أجانب محافظة الحسكة وأحصل أنا على الشهادة الإعدادية وأستطيع إكمال دراستي، وطبعا كانت النتيجة هي الرفض وعدم الموافقة بسبب بعض الأسماء الكردية المسماة على أخوتي ( نيجرفان ، آراس ، آزاد …. ) فتقدمنا مرة أخرى إلى تلك الجهات للمطالبة بحقوقنا مع دفع المزيد من الرشاوي، فتمت الموافقة ولكن؟
تغيرت كل الأسماء الكردية إلى الأسماء العربية بفعل فاعل، فتحول أسم آراس إلى باسل وأسم آزاد إلى بشار وأسم نيجرفان إلى علي، وهكذا دواليك على كل الأسماء الكردية المسماة على أخوتي، وسجلوا بالسجلات الخاصة بأجانب محافظة الحسكة بأسمائهم الجديدة.
كثيرة هي المرات التي كنا نقول لبعض أصدقاء أخوتي الذين يتصلون عبر الهاتف فيسألون عنهم بالرد إن الرقم خطأ لأننا لا نعرف أسمائهم الجديدة ولم نناديهم بهذه الأسماء ابدا فهم معروفين بين أفراد العائلة والبلدة بأسمائهم الكردية وهذا حقهم الطبيعي وسيسعون إلى إعادة أسمائهم بعد فترة قريبة جدا.
هذه إحدى عجائب السلطات السورية والتي يمكن تسميتها بالثمانية، وسأعمل بعد نجاح الثورة السورية إلى إعادة عجائب الدنيا إلى السبعة.
————————-
محي الدين عيسو – دمشق