آرتس الشامي
يتيه و يضيع و قد يموت أي اعلامي محترف جرّاء متابعته للقناة الفضائية السورية أو للاخبارية أو لقناة “سما” و قبلها “الدنيا”, و ذلك جرّاء الوضوح الشديد في التوجّه نحو المؤيديّن و الضائعين ما زالوا حول النظام و الثورة في سوري.
فكل الجهات الاعلامية السابقة تتكلّم من جهة عن النظام و مؤيّديه على أنّه الشعب البريء و المقدام و الشجاع و المحقّ في دفاعه عن الأقليّات ضد الأكثريّة الوهابيّة و المغرر بهم, و من جهة أخرى عن الشعب على أنّه عصابات الارهابية تخرّب و تدمّر سلسفيل البلد.
ففي حين يجب أن تكون تلك الجهات مؤيّدة للشعب و قراراته و أفعاله و إدارته تبعاً لملكيّته إليها من حيث التمويل, كما أنها يجب أن تكون محايدة تظهر الحقائق كما هي بدون تطرّف للنظام أو الثورة من حيث الاعلام, إلّا أن فرع الأمن المسمّى وزارة الاعلام رأت أن التوجّه يجب أن يكون محدوداً بالفئة المؤيّدة عامّة و بالأخوة العلويّون و البعثيّون خاصة.
و أهداف ذلك التوجّه واضحة و ظاهرة لأي اعلامي خبير, و هي متفقة إلى حد كبير مع خطاب النظام و توجّهاته و قراراته السياسيّة, إلى أن باتت الجهات الاعلامية السورية على اختلافها (عامة و خاصة, اذاعية تلفزيونية, الكترونية تفاعلية) ملك له ادارياً أمنيّاً كما بعضها كذلك ماليّاً كاذاعة “المدينة” و “شام اف ام”.
و تسعى تلك الجهات للاهداف التالية التي رتّبت حسب الأهمية:
1- اظهار ما يجري على أرض الوطن على أنّه فتنة ضد الدولة عامّة و ضد العلويّون خاصة عبر تسميات الفتنة و وضع المتظاهرين و الثائرين عامة ضمن فئات “الجهلة, السارقين, قطاع الطرق” أو “الوهابية, السلفية” الجهتين الاسلاميّتين اللتين تحرمان الفكر العلوي و تحاربه جهاراً على الفضائيّات.
بالاضافة لاظهار حركات اسلامية متطرّفة مساهمة في الصراع السوري ضد النظام واظهار البيانات الجاهلة أو المنتقدة أو الداعمة من بعض العلماء السلفيين أو الوهابيين, الأمر الذي جعل من الثورة في عيون العلوين موجة قد تأكل الأخضر و اليابس لديهم.
كما تم دعم الأفكار السابقة اعلامياً بالفبركات الفيديوهية و اطلاق الاشاعات و الشعارات ك “العلوي عالتابوت و المسيحي عبيروت”, و التركيز على شعارات ك “لا ايران و لا حزب الله بدنا دولة تخاف الله” المتعلق بالانفكاك عن الحلف الصفوي الشيعي, الامر الثاني الذي يشكّل خطراً آخر على العلويّون.
2- ايضاح خطورة فقدان الموارد للبعثيون الذين سيخسرون أعمالهم ومصالحهم التي ضمنوها تبعاً لمراكزهم و انتمائهم, و ذلك عبر اظهار انجازات الحزب و الدولة و ربطها بالتقارير بأن كل ذلك سيتفكك و يضيع علينا و عليكم إن سقطت الدولة بيد هؤلاء.
3- الدعم النفسي لعناصر الجيش السوري و اظهار كم من القوة و البطولة و الفداء و الاباء لدى الذي ينتمون إليه, و ذلك لدفعهم للمقاتلة بشراسة و بثقة كبيرة من أجل قضية “الحياة أو الموت” التي يصورها الاعلام الاسدي لهم, و لدفع باقي الشباب الذين لم يتطوعوا للتطوّع و التقدّم للدفاع عن الأسد -الضامن الوحيد لحقوقهم-.
و يكون هذا البند منجزاً عبر اظهار عمليّات مفبركة و أخبار كاذبة عن هجوم الجيش الأسدي على أوكار الثوار و القضاء عليهم في أوكارهم بعمليات بطوليّة أسدية فداءً للبلد و الأسد, كما يتم تصوير تقارير على أنها ميدانية ترافق الجيش الأسدي في عمليات تمثيلية يكون بطلها على الأغلب “حسين مرتضى” مراسل قناة العالم الايرانية.
4- اظهار كم الفوضى التي دخلت فيه بلدان الربيع العربي و كم أن الاسلاميين هيمنوا على موارد الدولة و قمعوا الشعوب و احتكموا البلاد بديكتاتوريّة و فرضوا الاسلام بافكارهم حصراً و هددوا بقوة السلاح و التخلّف.
و الأخبار العاجلة التي يبثّها الاعلام الأسدي حول أي طارئ أو مظاهرة في تونس أو قنبلة غازية في مصر أو رصاصة قبلية في ليبيا شاهداً على ذلك.
5- تبرير كل ما يفعله النظام من تخاذل دولي حول اسرائيل و تجاوزاتها و تبرير المجازر التي يقوم بها النظام و لصقها بالثوار عبر مقابلات مع محللين اعلاميين و سياسيين مختصين بالفبركة و لصق التهم و التبرير, كبرامج رفيق لطف أو برنامج التضليل الاعلامي على قناة الدنيا أو الغربال على قناة “سما”.
و حازت حلقة ريال و برشلونة الذين ادى فيها اللاعبين حركات توجيهية للجيش السوري الحر على اعجاب المعارضين كافة, كما حلقة الاحوال الجوية لدى العربية و تمثيلية تحرير الجيش الأسدي على حاجز في ادلب الذي يقتل فيها (الارهابي) على طريقة الأفلام الهندية بأربع رصاصات ثم ينبطح على ظهره قبل رجليه.
6- احتكار الاعلام في البلد, الأمر الذي يستطيع فيه الاعلام الاسدي السيطرة على جميع الأحداث و بثها كما يحلو له, و يشكّل تفجير الآمرية في ساحة الأمويين نموذجاً لذلك حيث تم التفجير الانتحاري و قتل كل من كان في السيارة, في حين أغلق الأمن الاسدي الساحة و شكل الأمر على أنه معركة انتصر فيها الجيش الأسدي على الارهابيين,, و تم بث ذلك التقرير على قناة العالم.
كما يوجد لحسين مرتضى معارك افتراضية عدة موجودة على وسائل التواصل احداها في ناحية زملكا بريف دمشق و التي اظهرت نسبة السوء الاخراجي الذي تقوم عليه فبركات الاعلام الاسدي.
و للأسف الشديد ما زال العديد من المؤيدين يقتنعون بهذا الخطاب المتخلف و المنافي للحقيقة, و الذي يعتبر من أهم منابع الارهاب الأسدي في البلد و أهم مصادر تقويته, الأمر الذي يشكّل من كل اعلامي أسدي ارهابياً شبيحاً بالضرورة يساعد الشبيحة على التشبيح و يبرره من جهة, و يساعد على التفرقة بين أبناء الوطن الواحد من جهة أخرى إذ أنه السلاح الأقوى اعلامياً لدى النظام.
تعليقان
تنبيه: GoodStuff
تنبيه: عن الاعلام الأسدي و أهدافه . . بقلم: آرتس الشامي « مختارات من الثورة السورية