أجرت قناة فرانس 24 مقابلة مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند, و ذلك قبل زيارته للقارة الإفريقية و التي حصلت مؤخراً, و قد نال الوضع السوري فترة مطولة من النقاش خلال المقابلة و أود هنا إيراد انطباعاتي عن المحصلة النهائية للمقابلة و ذلك للبرهنة على مواضيع كنت طرحتها مترجمة عن الصحافة الأجنبية وهي التحول في الخطاب الغربي عبر التركيز على “التطرف الإسلامي” و ” القاعدة المتغلغلة ” و ما قد يشكله ذلك لاحقاً من ” تهديد للأمن و السلم الأوروبي و العالمي “.
كان هناك في المقابلة ثلاثة صحفيين ” رجلان و سيدة واحدة ” و لكن اللافت كان استفراد السيدة بالحديث و مقاطعاتها المتكررة و ” المزعجة ” للرئيس الفرنسي و المهم هو إصرارها بالتحدث عن ” الأزمة السورية ” و عدم ذكرها للجانب الإنساني أو الأوضاع المأساوية للسوريين بسبب الفظائع التي ترتكبها قوات النظام السوري على امتداد الرقعة السورية.
لقد كانت مجمل المقابلة فيما يخص سوريا محبطة للآمال فأسئلة الصحفية و التي قد يكون هدفها إحراج الرئيس عبر إجباره على الخوض في مواضيع يحاول تجنبها أو قد تكون أسئلتها هي انعكاس لقناعتها فعلاً أو بسبب الهيمنة الإعلامية للحديث عن القاعدة في سوريا فالمهم هنا هو التلعثم الواضح للرئيس لدى حديثه عن هذا الموضوع فظهر محرجاً من دعمه للثورة السورية و ضعيف الحجة عند الكلام عن المعاناة الحقيقية التي يلاقيها السوريين على أيدي الجنود السوريين.
بالمحصلة نستطيع القول أنه عند مشاهدة المقابلة من قبل أشخاص ليسوا على دراية بحقائق الأمور فإنهم سيتخذون موقفاً معادياً للثورة و سيتخندقون مع النظام الذي يواجه قوى الظلام و التي تستهدف القيم الإنسانية و الحداثة و الحضارة التي يدافع النظام عنها نيابة عن البشرية المتحضرة.
و لربما كان القبض على ” خلية إرهابية ” تنشط على الأراضي الفرنسية, يخطط أفرادها للانضمام الى الثوار في سوريا كبير الأثر في توجيه دفة المقابلة بهذا الاتجاه, و مهما كان السبب فما يجب أن ننتبه له هو هذا الاتجاه الذي يتفاقم بالحديث عن ” التنظيمات الإرهابية ” التي تنتشر في المواقع التي يسيطر عليها المتمردون السوريون , و أن نأخذ بالحسبان التوجه الغربي للتدخل العسكري لسحق المتمردين في مالي عبر التدخل المباشر أو عبر تقديم الدعم للقوات الإفريقية .
هذا و كنت خلال الفترة السابقة قد بدأت بمحاولة لجمع و تلخيص ما يصدر في الصحف الغربية ذات التأثير عن موضوع التطرف الإسلامي, و لكن وبعد حوالي الشهر فقد توقفت عن ذلك و السبب باختصار أنك لن تجد ذكراً – للمتمردين السوريين – إلا و وجدته مقترناً بالقاعدة و ذلك بشكل واضح و جلي, و لن ينفع الحديث عن خطأ مثل هذا الكلام أو وصفه بالتحيز فالوقائع لا تقبل التأويل!!
إن الربط المتزايد عند الحديث عن الأزمة السورية و قوى الإرهاب التي تتمدد في سوريا و الصور و الفيديوهات التي تنتشر و تُعنون بأشياء من قبيل ” Islamic Uprisings ” – وأنا أميل للاعتقاد بأن من ينشر هذه المقاطع هي جهات تابعة للمخابرات السورية – و التشدد الواضح بتزويد الثورة السورية بأي شكل من أشكال السلاح و الإيعاز للدول التي تقوم بتقديم مثل هذا الدعم بقطعه أو بتقليصه الى الحدود الدنيا و تراجع الحديث عن الجيش السوري الحر لصالح تضخيم دور جهات مثل “جبهة النصرة ” أو ” الفجر الإسلامي” و مثيلاتها من التسميات التي أخذت بالانتشار , هو بالتأكيد مقدمة لأحداث سوف تليه؟؟؟
و أشد ما أخاف منه هو أن ما دعا الشعب لحصوله و هو التدخل ممن القوى ذات التفوق التكنولوجي و الناري الهائل و هي الناتو هنا أن يحصل و لكن أن يحصل للقضاء على ” الإرهاب و الجهاديين في سوريا ” !!!!!!!
لقد تعلمنا من التاريخ الحديث أن القوى الدولية لن تسمح لأي جهة تتبنى الفكر الجهادي بالانتصار و الاستمرار بالتواجد الفعلي على أراضٍ تسيطر عليها و لنا في العراق و الصومال و أفغانستان و مالي أمثلة حية, فيجب على كافة المجاهدين الحقيقيين على الأرض التنبه لهذا الأمر, إن نشوة القوة المؤقتة لا يجب أن تعطل لغة العقل و يجب فوراً التراجع عن هذا الانتشار الإعلامي فإذا كان الهدف خالصاً لوجهه تعالى فهذا يتعارض مع كل هذه المراءاة الإعلامية و التي تضر و لا تنفع.
إن المعركة اليوم هي لإسقاط نظام الأسد الظالم و أي حرف للمعركة عن هذا الهدف الذي يختصر كل الأهداف هو تقديم خدمات مجانية – أو مدفوعة – لنظام الأسد فأي حديث عن إقامة دولة الخلافة الآن أو عن تطبيق الشريعة أو عن إبادة العلويين بالتأكيد هو كلام يسعد النظام بسماعه , إن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فإذا اقتضى الخلاص من النظام الفاسد شيئاً من التنازل كحلق اللحى أو تشذيبها على الأقل فهذا اقل ما يمكن أن نفعله و إذا اقتضى القضاء على النظام إعطاء أي ضمانات للقوى الكبرى فهو واجب ,و لا يجب أن تأخذننا العزة بالإثم فلا يمكن لقوى منظمة أن تقف بوجه القوة الغربية المرعبة إلا إذا رغبت بإبادة الحرث و النسل , فأمريكا هي قضاء الله و قدره و لا بدّ من التعامل مع قضاء الله …..
ختاماً : من كان عمله خالصاً لوجه الله فهو لا يحتاج أن يعرفه البشر ……
A.ALH
و الله من وراء القصد