a alh
—————-
يمكن اعتبار الثورة كيان معنوي تشكله مصائر الأفراد في المجتمع حيث الصراع على أشده بين القوى الفاعلة في المكان والزمان ،و روح هذا الكائن هي الارادة الثورية التي لا تهدم الا لكي تبني و لا تقتل الا لكي تحيي، هذه الروح الوثابة المتطلعة و التي تنحو دوماً الى التغيير بأشد الاشكال عنفواناً، فتغير الدولة و الافراد انها تنحو لتصبح مصدر القوانين عوضاً عن الدولة، فتستبدل الدولة الفاشلة بالواقع المتجدد، وتغدو هذه الروح الميزان الذي يميل مع الحق و العدل، انها الفيصل بين أفراد الدولة في علاقاتهم ببعضهم داخل و خارج حدودهم و علاقاتهم بالكيانات الأخرى المختلفة المشكلة للمجتمع و المشكلة للقوى الأخرى ذات التأثير.
هذه الروح الثورية التي تعلو فوق المجموع لتصبح الغطاء الذي يظلل المجتمع وتشكل في الختام الارادة
الفاعلة الحقيقية القائمة على صياغة شكل ومضمون الكيان (الدولة) و (المجتمع).
وكما فقدت الكيانات القديمة ثقة المجتمع التي كانت قد حازتها بتقادم السنين أو بشكل أبسط نتيجة انعدام الخيارات الأخرى أمام عموم الناس إلا التسليم بسطوة الاستحواذ الأحادي على القوة والقرار، تنتقل هذه الثقة عبر ومن الشعب الى الكيانات الجديدة المنبثقة عن الثورة والتي لا زالت لم تدرك الامكانيات الهائلة والمنبعثة من الثقة الممنوحة والمكتسبة.
و كما تصدر القوانين عن الدولة، ترث الكيانات الثورية حق الدولة في هذا الأمر الأخطر على حياة الأفراد، و ينتقل حق استخدام القوة من الدولة التي فشلت بالحفاظ على السلم الداخلي الى أفراد المجتمع و يتكفل بنو الثورة بتنظيم هذا الاستعمال للقوة، و قد يبدو هذا الاستعمال للقوة فجاً للناظر من بعيد و لكنه لمن يعايش تفاصيل حق نقل استخدام القوة يبدو طبيعياً، و في هذه العودة للأصول حيث الإدراك الفطري أن القوة هي القانون الطبيعي الذي تقوم عليه الدول و هو الدافع الاسمى الذي يختفي خلف الاستخدام العنيف للحق المرتجع و قد يكون هذا الاستخدام للقوة صادماً و لكنه يكون ضرورياً في الكثير من الاحيان الأخرى و ذلك لسببِ بسيط : ان المجتمع يحتاج للصدمة ليدرك الواقع الجديد و ليتعرف على حكامه الجديدين.
و مع بدء ظهور الحقائق الجديدة للجميع حيث ينتقل حيز الخبر الى حيز العيان و يتحول المستضعفون في الأرض الى اصحاب القوة الجديدة، يرتد الكثير ممن يعيشون في المجال الطوباوي الى حنينهم لخيالاتهم يبحثون عن السلام الذي أضاعته نفوسهم وهم لم يملكوه أساساً الا في وهمهم عن امتلاكهم لمفاتيح الذكاء و العلم، و ادعائهم أمام أنفسهم أن كل جهدهم المبذول في التنوير قد فشل لأن هذا الشعب ببساطة غبي أحمق جاهل لا يستحق أن يمسك زمام نفسه ناهيك عن امتلاكه لكل تلك الطاقة من القوة و التي استحقها بجدارة قوانين الطبيعة التي لا تحابي أحداَ إلا الاصلح للبقاء فتلقي بين يديه سر الديمومة المؤقت (تنظيم القوة) بعد أن تكون قد غررت بالخاسر بوهم (الامتلاك الأحادي للقوة) حيث القوة هي السم و الترياق باختلاف الأيادي و الأفواه.
وختاماً امضوا أيها الأخوة فالطلقة التي قتلت زينو بري هي طرقة العدالة المجردة، وصوت الحق المرتفع الذي قد يزعج الكثيرين.
بوركتم وطبتم عسى أن يجعلكم الله من الصالحين ويورثكم الأرض انه عزيز حكيم